التسوية الليبية.. بين أزمة القيادة وانفصام الولاءات
أثارت الأصوات الرافضة لتقدم الجيش الوطني الليبي، وإطلاق عمليّة عسكرية واسعة في الجنوب لتطهيره من الجماعات الأجنبية المسلّحة، والجماعات الارهابيّة، والسؤال الذي طالما جاء في أذهان المتابعين للأزمة الليبية محليين كانوا أو دوليين، ما الذي يمكن للفرقاء الليبيين التوافق حوله وتسخير امكانياتهم لتحقيق نجاحات ما على الارض فالعملية العسكرية للجيش جنوب البلاد حققت بعض النجاحات مثل دحر الجماعات المسلحة التشادية والقبض على عدد من الارهابيين و الحد من تدفق الهجرة غير الشرعية والجريمة والتهريب.
صورة ليست بجديدة فعند معركة تحرير بنغازي وبعد ما أعلنته ذات الأصوات التي طالبت بالتدخل لفتح ممرات انسانية للإرهابيين بما يعني ان الفرقاء يختلفون حتى في تصنيف الجماعات الارهابية ويصفونها بالثوار. لم يغير الإخوان موقفهم المدافع عن الجماعات المتطرفة حتى بعد قبض الجيش على رؤوس إرهابية كبيرة. اختلاف المواقف هذا كانت له تداعيات خطيرة اولها ان تلك الجماعات انتفعت بالمليارات من طرابلس مما سموها باستقطاب المزيد من المقاتلين وشراء السلاح. وهو ما زاد من متاعب الجيش وأطال أمد الحرب على الإرهاب في ليبيا.
تلك المواقف كذلك دفعت بعدد من عناصر الجيش إلى ارتكاب انتهاكات بدافع الانتقام وهي تدرك ان انتقامها احرج وورط قيادة الجيش محليا ودوليا، ويخشى الداعمون للجيش بان تتكرر تلك الانتهاكات خلال العملية الجارية في الجنوب سيما في مدينة مرزق، تخوفات استمع اليها المبعوث الاممي الي ليبيا وتعهد بالعمل على حماية المدنيين مخاوف استبقتها قيادة للجيش بالتذكير بتعليماتها السابقة بوجوب حماية المدنيين والممتلكات العامة والخاصة.
التوافق بين الفرقاء ووجود نقاط مشتركة مازال بعيد المنال وهذا لا يعطي مؤشرا لإرساء السلام، حيث فشل الاتفاق السياسي وجلسات الحوار والمؤتمرات الدولية على جعل الفرقاء يتوافقون على مجابهة التحديات .امام هكذا فشل يرى طيف من المراقبين بان ليبيا في حاجة الي ميثاق اجتماعي عن القبائل فيه يتحدد موقف وطني من الجماعات الارهابية الهجرة والتهريب.
وقبل هذا الميثاق لا بد من المصالحة الشاملة وترميم المجلس الاعلى للمدن والقبائل الليبية . علما وان بؤر التوتر بين عدة مدن جنوب البلاد وغربها مازالت قائمة فالدافع الاساسي لرفض قبائل التبو في مرزق هو خوفهم من تحول العملية العسكرية الحالية الى ما يشبه التصفية لهم فهم يؤكدون ان منتسبي الجيش ضمنهم ابناء لقبائلهم على نزاع معها ، وقد يستغلون العملية العسكرية لتصفية حساباتهم مع التبو .وحتى عدم وجود دليل على امكانية حدوث هكذا تجاوزات فخوف التبو يظل مشروعا.
واردف المراقبون على ان العملية العسكرية سيما في مرزق كانت تتطلب اتفاقا مع اهالي المدينة لإزالة اية مخاوف من هذا القبيل . لكن المدافعين على الجيش يؤكدون بان ما وصلت اليه اوضاع الجنوب وخروجه عن سيطرة الدولة بالكامل وغزوه من الجماعات المسلحة الخارجية هو الذي اجبر الجيش على الاسراع بالتحرك عسكريا حتى لا ينفصل الجنوب، فهذا الدافع الوطني هو الذي اجبر الجيش على الاسراع بالتحرك عسكريا.