خرائط النار.. مليشيا الحوثي تزرع ألغاماً سياسيةً في طريق الاتفاق السياسي
الجمعة 15 مارس 2019 03:19:23
واصلت مليشيا الحوثي الانقلابية زرع الألغام السياسية أمام أي جهود تستهدف التوصّل إلى حل سياسي؛ في محاولة لإطالة أمد الأزمة لأقصى مدى ممكن لتحقيق مآربها.
مصادر في لجنة إعادة الانتشار في الحديدة قالت - في تصريحات لصحيفة "البيان" الإماراتية أنّ المليشيات الحوثية ترفض تسليم خرائط الألغام التي زرعتها في الحديدة.
كما رفض الحوثيون، فرض رقابة فعالة على الانسحابات، في محاولة مستمرة لعرقلة تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق السويد.
في سياق متصل، كشفت مؤسسة رصد للحقوق والحريات والتنمية المستدامة أنّ مليشيا الحوثي كثَّفت عمليات زراعة الألغام في الحديدة عقب إتفاق السويد ودخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 18 ديسمبر الماضي، مؤكدةً أن عشرات الضحايا وقعوا في شراك هذه الألغام.
وصرح رئيس المؤسسة مجاهد اللقب، في كلمة مُسجّلة أمام اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمدينة جنيف، بأنّ مليشيا الحوثي نفذت ما يسمونها "إحياء الألغام"، وهي عملية زراعة ألغام جديدة في نفس أماكن الألغام التي انفجرت وأوقعت ضحايا بين المدنيين.
وأوضح أنّ حقول الألغام الحوثية امتدت لمساحات جغرافية جديدة وتزايد أعداد الضحايا بشكل لافت عقب اتفاق ستوكهولم.
وقدر "المصدر نفسه" حقول الألغام الحوثية بـ37 حقلاً تمتد على مساحة 594 كيلومتراً في الحديدة، لافتًا إلى أنّ هناك 93 منشأة صناعية فخّختها المليشيات الحوثية في الحديدة، كما أجبرت عشرات الأسر على النزوح من منازلها في مدينة الحديدة وفخختها بألغام ومتفجرات خاصة في حي 7 يوليو والزهور بمديرية الحالي.
وكانت مصادرٌ في اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار قد كشفت أنّ كبير المراقبين الدوليين مايكل لوليسجارد تسلم أمس الأول الثلاثاء، رسالة موافقة من جانب الحكومة على مقترحاته بشأن البدء لتنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار والتي تخص انسحاب المليشيات من مينائي الصليف ورأس عيسى وفتح الطريق من الموانئ إلى مطاحن البحر ومنها إلى مداخل مدينة الحديدة لتوزيع المساعدات الإغاثية إلى كل المحافظات.
وبحسب المصادر، أبلغت الرسالة كبير المراقبين الدوليين موافقة ممثلي الحكومة على مقترحاته واستعدادهم لتنفيذ ما عليهم في هذه المرحلة، لكنّ ممثلي المليشيات ما زالوا في خلاف مع كبير المراقبين لأنّهم لا يريدون رقابة فعالة على الانسحابات تضمن التأكد من هوية أفراد شرطة خفر السواحل الذين سيتسلمون الميناءين ولا يريدون تسليم نسخة من خرائط الألغام التي زرعتها الميليشيا في الموانئ ومحيطها وفِي الشوارع المؤدية إلى مطاحن البحر الأحمر وفِي مداخل مدينة الحديدة.
وبيَّنت المصادر أنّ ممثلي الجانب الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي يرأسها كبير المراقبين الدوليين، بدأوا على الفور بلقاء القادة الميدانيين لقوات الجيش ومناقشة كيفية تنفيذ عملية الانسحاب وفقاً للخطة في مرحلتها الأولى وتأمين القوات التي ستنسحب من مواقعها إلى مواقع أخرى خلف مطاحن البحر الأحمر داخل مدينة الحديدة وإلى الشمال من حي 7 يوليو.
وكان اجتماعٌ مغلقٌ قد عقده مجلس الأمن، حيث أفاد مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث بعدم إحراز تقدُّم على صعيد إعادة الانتشار في مدينة الحديدة، حسبما نصّ اتفاق ستوكهولم الذي عقد في ديسمبر الماضي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي فرانسوا ديلاتر رئيس المجلس الحالي، في تصريحات للصحفيين، إنّ تقرير جريفيث ليس جيدًا، كما صرح مارك بيكستين دي بوتسفيرفي سفير بلجيكا لدى الأمم المتحدة: "في هذه اللحظة لم يتم إحراز تقدم لذا ربما يتعين على المجلس القيام بشيء ما".
وأوضحت كارين بيرس سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة: "أعضاء المجلس لطالما ذكروا أنّ الاتفاق الذي تم التوصُّل إليه في ستوكهولم هش وهذا دليل على أنه هش.. إنه أكثر اضطرابًا مما كنا نتوقع".
ومنذ توقيع اتفاقية السويد في 18 ديسمبر الماضي، لم تتوقف مليشيا الحوثي عن التلاعب بالمجتمع الدولي، ولم تترك أي فرصة للحل السياسي إلا واستغلتها في اتجاهين، الأول خداع الوسيط الأممي والمجتمع الدولي، والثاني إعادة ترتيب أوضاعها على الأرض.
وأفشلت المليشيات الحوثية كل المساعي الأممية من أجل تنفيذ اتفاق السويد، وبخاصة ما يتعلق منه بالحديدة، وعدم الانصياع لكل الضغوط الدولية في هذا الشأن، ورغم أنّ آمالاً كثيرة علقت على الاتفاق الذي وقِّع في ديسمبر الماضي، إلا أنّه بدا لكثيرين وُلد ميتاً، لا سيّما في ظل التراخي الأممي في التعاطي مع المليشيات الحوثية، حيث تضاءلت فرص إلزام دولي على الحوثيين بشأن بنود الاتفاق، ما يعزّز إمكانية عودة الحسم العسكري.