بعد الاغتصاب في المسجد .. فضيحة إخوانية جديدة بـ تعز

السبت 16 مارس 2019 02:52:22
بعد  "الاغتصاب في المسجد" .. فضيحة إخوانية جديدة بـ "تعز"

لم تكد تهدأ نيران الكشف عن فضائح انتهاكات مليشيا حزب الإصلاح - الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية - في اغتصاب الأطفال حسبما ورد في تقريرٍ لمنظمة العفو الدولية، حتى صدر اتهامٌ جديدٌ في هذا السياق.

مصادر حقوقية كشفت عن تحركات جديدة لحزب الإصلاح في إطار قضية محاولة اغتصاب طفل انتهت بمقتل المعتدي في محافظة تعز، والتي تعود لمنتصف العام الماضي، حيث اندلعت اشتباكات للانتقام من الطفل وأسرته، أسفرت عن إصابة عدد من أفراد الأسرة ومقتل أحد المتضامنين معه، والذين تطوعوا للمساهمة في حراسة المنزل.

وبيّنت المصادر - اليوم الجمعة - أنّ وكيل أول محافظة تعز عبد القوي المخلافي مارس ضغوطاً لابتزاز أسرة الطفل رياض الزهراوي، والذي نجا من محاولة اغتصاب على يد أحد عناصر المليشيات، بعد نجاحه في مغافلة المعتدي وقتله بسلاحه.

وحاولت هذه العناصر التي وصفتها المصادر بـ"العصابة"، الانتقام للقتيل الذي سقط أثناء محاولته الاعتداء على الطفل، وحاول "المخلافي" إجبار الأسرة على التنازل عن القضية ودفع مبالغ مالية لأفراد "العصابة" تحت مسمى "تكاليف الحماية"، كما طالب أسرة الطفل بتحكيمه للتدخل في القضية وإقرار التسوية المالية المناسبة.

ورغم رفض الأسرة كما أوضحت المصادر، إلا أنّ المخلافي واصل ضغوطه لإجبارها على التنازل وتحكيمه لتقرير التسوية المالية، في تواطؤ واضح مع أفراد "العصابة" وتنصل عن مسؤولياته كمسؤول حكومي رفيع في المحافظة"، وهو ما جعل الأسرة تقرر الفرار بعيداً عما يمسونه "التهديد والابتزاز".

هذه التطورات التي كشفتها المصادر، جاءت بعد يومين فقط على "الفضائح" التي كشفتها منظمة العفو الدولية، التي قالت إنّ أطفالاً صغاراً بعضهم حتى في عمر الثامنة، تعرَّضوا للاغتصاب في مدينة تعز، والمشتبه في قيامهم بالاغتصاب الذين يشملون أعضاءٌ في المليشيات التابعة لحزب الإصلاح الذي يسيطر على أجزاء واسعة من المدينة.

وأخبرت أسرُ أربعة من الصبية، المنظمة أنَّ أبناءها تعرَّضوا للاعتداء الجنسي في سلسلة من الحوادث على مدى الأشهر الثمانية الماضية، وفي حالتين من هذه الحالات، كشفت أسرتان أنّ المسؤولين عن الاغتصاب أفراد المليشيات الموالية لجماعة "الإصلاح".

وصرحت هبة مرايف مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة بأنّ الشهادات الأليمة التي أدلى بها هؤلاء الصغار الذين تعرضوا للاغتصاب، وشهادات أسرهم تكشف كيف أن الصراع المستمر يجعل الأطفال عرضة للاستغلال الجنسي في مدينة تعاني من ضعف أمني ومؤسسي، حيث يجد هؤلاء الضحايا وأسرهم أنفسهم وحدهم بلا حماية في مواجهة محنة الانتهاك الجنسي المروعة وعواقبه.

وأضافت: "يجب على السلطات إجراء تحقيقات شاملة في هذه الأنباء، من أجل الإشارة إلى أنه لن يتم التسامح مع هذه الجرائم، ولحماية أسر الأطفال من الانتقام.. فيجب تقديم المشتبه فيهم إلى القضاء ليحاكموا محاكمة عادلة".

وأشار التقرير إلى أنّ الاغتصاب والاعتداء الجنسي يعدّان من جرائم الحرب، وقد يكون القادة الذين لا يضعون حداً لهذه الأفعال الشنيعة هم أنفسهم مسؤولون عن جرائم حرب.

وأوضحت المنظمة: "أدَّى نمطٌ من الإفلات من العقاب والانتقام إلى تثبيط الأسر حتى الآن عن الإبلاغ عن هذه الحوادث، لا سيَّما أنَّ التقارير تشير إلى أنّ المشتبه بهم متوائمون سياسياً مع السلطات المحلية التي يسيطر عليها جماعة الإصلاح، وبينما يُحتجز حالياً مدنيان مشتبه بهما في انتظار المحاكمة على ذمة قضيتين من الحالات الأربع، لم يتم القبض على أفراد المليشيات المشتبه فيهم في القضيتين المتبقيتين".

وفيما يتعلق بحالات الاغتصاب الثلاث، فعلى الرغم من أنّ إدارة البحث الجنائي وجهت أحد المستشفيات الرئيسية في تعز لفحص الضحايا وإصدار تقارير طبية، تقاعس المستشفى عن تنفيذ تلك الأوامر فيما يتعلق بإحدى الحالات، على الرغم من الطلبات المتكررة من والدة الضحية.

وعلاوةً على ذلك، طلب المستشفى مبلغاً من المال لإعداد التقرير، الذي لم تقدر الأسرة على تحمل دفعه.

وهذه الحالات التي وثقتها منظمة العفو الدولية لا يبدو أنها الحوادث الوحيدة؛ فقد أبلغ بعض النشطاء المحليين وبعض الأسر عن حالتين أخرتين على الأقل لأسر تخشى أن تتكلم عما جرى خوفاً من انتقام المليشيات، إلى حد كبير.

وفي حالتين من الحالات الأربع (اغتصاب ومحاولة اعتداء)، كشفت العائلات أنّ المسؤولين كانوا من أفراد المليشيات الموالية لجماعة "الإصلاح".

في الوقائع، قال فتى يبلغ من العمر 16 عامًا، إنّ أحد رجال المليشيات الموالية لجماعة الإصلاح اغتصبه، في أواخر ديسمبر الماضي ، في المنطقة التي تسيطر عليها جماعة الإصلاح في مدينة تعز، حيث قال للمنظمة: "هددني ببندقيته.. وبدأ يضربني بكعب البندقية، ويركلني ويدفعني نحو الحائط في محاولة لإفقادي الوعي.. ثم قال لي أريد أن أغتصبك".

وأضاف: "عندئذ بدأت أبكي.. ورجوته أن يعتبرني كابنه.. فاشتاط غضباً وبدأ يضربني أكثر.. ثمّ قبض على عنقي وطرحني أرضاً، فبدأت أصرخ، فضربني بالبندقية على عنقي ثم اغتصبني".

وطبقاً لشهادة أخرى، فقد حاول أحد الإرهابيين الموالين لجماعة الإصلاح الاعتداء جنسياً على صبي في الثانية عشرة من العمر في يوليو الماضي في تعز، لكن الصبي أفلت منه.

وقال أحد أقرباء ذلك الصبي للمنظمة: "لقد تعرض للخداع لتسليم طرد إلى منزل أحد الجيران، من قبل رجل المليشيات الذي تتبعه بعد ذلك واعتدى عليه.. أخذه إلى غرفة نومه وألقاه على السرير وألقى بندقيته إلى جانبه.. وبدأ يهدده ويخبره أنه لو صاح أو صرخ فسيستخدم بندقيته المعدة للإطلاق.. ثم ذهب [رجل المليشيات] ليغلق باب غرفة النوم وبدأ يخلع ثيابه.. وفي تلك اللحظة فزع الصبي والتقط السلاح وأطلق النار على الرجل دفاعاً عن نفسه.. ثم فر هارباً".

وفي حالة أخرى، قالت أم صبي في الثامنة من العمر لمنظمة العفو الدولية، إنّ ابنها اغتُصب في واقعتين منفصلتين على الأقل، فيما بين يونيو وأكتوبر الماضيين، من جانب ابن أحد أئمة جماعة "الإصلاح"، وصديق له في أحد المساجد المحلية.

وأوضحت أنّ سلوك ابنها بدأ يتغير، وأنّه صار باكياً في العديد من الأحيان، وقالت: "أخبرني ابني أن [ابن الإمام] حبسه في حمام المسجد وكممه بيده حتى كاد يخنقه ثم بدأ يجرده من ملابسه.. وبعد أن انتهى منه أدخل شخصاً آخر ليفعل فعلته مع ابني".

وطبقاً للتقارير الطبية التي اطلعت عليها المنظمة، فإنّ الصبي ذي السنوات الثمانية يعاني منذ تلك الواقعة من خلل في قدرته على الحركة، ومن عدم التركيز، ومن ارتجاج نتيجة لضربه والاعتداء عليه بصورة متكررة.

كما تحدثت المنظمة إلى والد فتى، يبلغ من العمر 13 عاماً، يقول إنَّه اغتُصب من جانب نفس الرجلين في المسجد نفسه.

وعقّبت هبة مرايف قائلةً: "هذه الانتهاكات المروعة توضح كيف أن الأطفال يتحولون بصورة مطردة إلى فئة مستضعفة خلال الصراع المسلح، عندما تنهار المؤسسات وآليات الحماية، الأمر الذي يؤدي غالبا إلى خلق فراغ يستشري فيه الانتهاك والاستغلال".