مدارس المليشيات.. أولياء أمور بين مطرقة الإرهاب وسندان السوق السوداء
الخميس 21 مارس 2019 01:48:40
حمل الانقلاب الحوثي الدموي طابعاً طائفياً منذ اندلاعه في صيف 2014، دفع خلاله التعليم ثمناً باهظاً جرّاء محاولة المليشيات الموالية لإيران اللعب على محور تغيير الهوية.
لا يقتصر العدوان الحوثي في قطاع التعليم على تغيير المناهج وبحسب بل وصل إلى تغييب الكتب المدرسية، ما يضع الأهالي بين مطرقة عدم وجودها من الأساس وبالتالي تعلّم اللا شيء أو سندان اللجوء قسراً إلى السوق السوداء.
تتجدّد هذه الأزمة بشكل شبه دائم مع كل فصل دراسي، وهو أمرٌ راجع إلى إهمال صارخ من قِبل المؤسسات التعليمية التي تسيطر عليها المليشيات بقوة السلاح، وغالباً ما يتججون المسؤولون بأنّ المخازن فارغة ولا تتوفّر إمكانيات لطباعة كتب جديدة.
يجبر هذا الوضع، أولياء الأمور بحسب رواياتهم، إلى شراء كتب من السوق السوداء لا سيّما مع قرب إجراء امتحانات نهاية العام، حيث بات الأطفال عرضة لخسارة سنوات من عمرهم، بلا ذنب إلا أنّ مليشيات أشعلت حرباً عبثية، وهم يدفعون ثمنها الأبشع.
في هذا السياق، نقلت تقارير إعلامية عن مصدر في المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي في صنعاء التي تسيطر عليها المليشيات الانقلابية، قوله إنّ كل الكتب المدرسية المتوفرة تُسلَّم فور طباعتها إلى المدارس التي تحتاج إليها، بحسب الإمكانيات المتوفرة، موضحاً أنّ سبب النقص في الكتب المدرسية هو عدم قدرة المطابع على توفير كميات الورق اللازمة لتغطية الحاجة لأنّها تستورد من الخارج جرّاء الحالة الاقتصادية المتدهورة الناجمة عن الحرب الحوثية.
كما أدّى الانفلات الأمني إلى شيوع ظاهرة النزوح، وهو ما قاد إلى معدلات غير متوازنة في المدارس.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" قد أعلنت في إبريل 2017، تعليق دعمها لطباعة الكتب المدرسية لصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي في اليمن، بعد تغييرات محدودة فيها قامت بها وزارة التربية والتعليم في صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيات.
وبينما يدفع الأطفال هذا الثمن الفادح، فإنّها المدارس إجمالاً شهدت كثيراً من الجرائم الحوثية التي أثبتت عدوانها على القانون الدولي والإنساني.
في جريمة حديثة تضاف إلى سجل مليشيا الحوثي المكتظ بالجرائم، أصدر المدعو يحيى الحوثي المُعيَّن من قِبل الانقلابيين وزيراً للتعليم في حكومتهم غير المعترف بها، توجيهاً للمدارس الخاضعة لسيطرتها، تضمّن دعوة الطالبات لما اعتبرنه "أمر غير أخلاقي".
التوجيه جاء فيه أن تكتب كل طالبة في مدارس صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيات رسالة خطية إلى أحد العناصر الإرهابية التابعين للانقلابيين في ساحات القتال؛ على سبيل أنّ ذلك يساهم في رفع الروح المعنوية للإرهابيين الذي تصفهم المليشيات بـ"المجاهدين"، ويحفّزهم على الاستمرار في تنفيذ سياساتها الطامعة في إطالة أمد الصراع لأكثر فترة ممكنة تحقيقاً لغايات سياسية وعسكرية.
هذا التوجيه تم إبلاغ الفتيات به من قِبل الزينبيات المواليات للمليشيات الإرهابية، إلا أنّهن رفضن الاستجابة لذلك، بل واعتبرن ذلك أمراً غير أخلاقي، فيما لجأت "زينبيات الحوثي" إلى تهديدهن من أجل تنفيذ ذلك، وهو ما لم يجد صدىً لدى الطالبات اللاتي رفضن الانخراط في هذه المؤامرة الحوثية، حسبما كشفت مصادر من بين الطالبات.
و"الزينبيات" عناصر نسائية تحمل مسمى طائفي، جنّدتها المليشيات من أجل استدراج واستقطاب الفتيات إلى صفوفها.
تكشف هذه الواقعة، حجم استخدام المليشيات الحوثية للطلبة والطالبات بمختلف أعمارهم السنية في الحرب التي أشعلتها منذ صيف 2014، حيث يرغب الانقلابيون في الإدعاء بأنّ حاضنة شعبية تقف وراءهم، لكن ذلك إن حدث يكون بالترهيب والتخويف.
تجلّى ذلك جيداً عندما كُشف في نهاية فبراير الماضي، حيث هدد قيادي بالمليشيات وعناصر من "الزينبيات" طالبات في جامعة إب بإيداعهن السجن في حال رفضن الخروج في مظاهرات ضد الحكومة، كما تطاول هذا الحوثي على إحداهن بالشم وألفاظ نابية.
وبحسب مصادر محلية، فإنّ القيادي علي صلاح الوادعي رئيس ما يُسمى الملتقى الإداري للحوثيين في جامعة إب، والمكلف من قبل المليشيات أميناً عاماً لكلية القانون في جامعة إب، يقوم بالدفع بالطالبات للخروج والوقوف وقفات احتجاجية ضد الحكومة أمام مبنى الكلية، وعند رفض إحدى الطالبات الخروج يقوم بشتمها والتلفظ بألفاظ عنصرية ومناطقية بحقها، كما يستدعي الزينبيات في الجامعة للتحقيق مع الرافضات وتهديدهن بالاحتجاز في سجن الأمن السياسي.
ومؤخراً أيضاً، أصدرت المليشيات تعميماً جديداً للمدارس الخاضعة لسيطرتها في صنعاء، وجّهت من خلاله المدراء بتفعيل حصص الريادة، تقدّمها عناصر موالية للانقلابيين، في انتهاك صارخ للوائح التعليمية التي تنص على أن يختص رائد الفصل (المعلم) بإدارة حصة الريادة الأسبوعية.
في العموم، فإنّ حصة الريادة تستهدف توجيه سلوك الطلاب ودعم القيم الدينية لديهم لإكسابهم خبرات ومهارات تساعدهم على التعامل مع المواقف المختلفة فى الحياة العادية، لكنّ المليشيات الحوثية باتت تستخدمها من أجل غرس سمومها الطائفية بين الأطفال.
وإزاء كل هذه الجرائم، شهد عددٌ من مدارس صنعاء قبل أسابيع، انتفاضة للمعلمات وطالباتهن ضد "الزينبيات" اللائي أردن إنهاء إضراب المعلمات المطالبات برواتبهن الموقوفة من منذ ما يزيد على عام ونصف.