مأساة عبد العزيز وعبد الرحمن.. طفلان غرقا في جحيم ألغام الحوثي
"مات والدنا، ويوجعني رأسي ويدي وعيني".. هكذا يلخص الطفل عبد العزيز محمد مأساته الناجمة عن الألغام التي دمّرت بها مليشيا الحوثي الانقلابية اليمن، أرضاً وشعباً.
"عبد العزيز" واحدٌ من أطفال يمنيين كثيرين اغتالت الجرائم الحوثية حياتهم وحوَّلتها إلى جحيم، لا يضاهيه شيء.
في عام 2016، كان "عبد العزيز" في والديه وأخيه الأصغر بمحافظة تعز، في طريق رحلة علاجية إلى أحد مستشفيات محافظة إب، لإجراء عملية جراحية لإعاقة يعاني منها.
وأثناء مرور الموكب الأسري الصغير في منطقة "الُربيعي"، انفجر لغم أرضي على السيارة التي تستقلها العائلة، لتتضاعف إعاقته ويفقد والده إلى جانب إصابة والدته وشقيقه، كما قتل آخرون بالحادث نفسه.
حضرت رحمة عبد الرحمن، (والدة الطفل) إلى مركز الأطراف الصناعية بالعاصمة عدن، لعلاج طفليها المصابين، وقد توفي زوجها بعد عامين من الحادثة، نتيجة لمضاعفات إصابته في اللغم الذي نقل أسرته إلى الإعاقة.
تقول "الأم" الثكلى إنّه على الرغم من انتشار العديد من منظمات المجتمع المدني التي تعلن تقديم مساعدات من حين لآخر لضحايا الألغام، إلا أنّهم لا يحظون بأي رعاية باستثناء الدعم الذي يتحصلون عليه من "فاعلي الخير".
الطفل عبد الرحمن الحدي أحد أولئك الذين دفعوا ثمن الحرب الحوثية، حيث فقد إحدى ساقيه وثلاثة من أطراف أصابع يده اليمنى جرّاء انفجار لغم حوثي، وما يزال يحمل آثار ستة كسور في ساقه الأخرى، رغم إصابته منذ سنوات.
أوضح الحدي رحلة معاناته من انفجار اللغم الأرضي المضاد للأفراد به خلال العام 2015، وبقاءه لساعات مصاباً ثم نقله إلى المستشفى وبتر إحدى ساقيه، وبعد عملية البتر تم نقله إلى الأردن لاستكمال العلاج، حيث عانى أشهراً وحصل على قدم "صناعية" بديلة، لكنه بات غير قادرٍ على الاستفادة منها، ويقول إنّ الطرف الذي حصل عليه "بهذلة في بهذلة"، حيث لا يستطيع حمله لأكثر من أربع إلى خمس ساعات، إلى جانب ذلك "أنا طولت وهو قَصَر".
إذاعة "دويتشه فيله" التي روت القصتان كشفت جانباً من المأساة الناجمة عن زراعة الألغام المضادة للأفراد والتي سعت من خلالها المليشيات الحوثية إلى تعقيد الأزمة الإنسانية وتكبيد المدنيين أثماناً فادحة.
وتمثل زراعة الألغام واحدة من أخطر جرائم الحرب الحوثية التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر وتهدّد حياة الجميع بلا استثناء.
وقبل أيام، كشفت منظمة "رصد" للحقوق والحريات في إحصائية جديدة، أنّ عدد المدنيين المعرضين للخطر المباشر (الموت الحتمي) بمحافظة الحديدة يزيد على 330 ألف مدني، كما عرضت الألغام الحوثية حياة أكثر من 140 ألف أسرة للخطر، وذلك في فترة ما بعد اتفاق السويد الموقع في ديسمبر الماضي.
زرعت المليشيات الحوثية 37 حقلاً من الألغام، كل حقل يضم الآلاف من الألغام الفردية والجماعية والمركبة، المنتشرة في 251 منطقة ضمن نطاق 16 مديرية من مديريات المحافظة البالغة 26 مديرية.
ومنذ 18 يناير من العام الماضي، بلغ عدد قتلى الألغام 56 شخصاً، بينهم 20 طفلاً و7 نساء، فيما أصيب 31 شخصاً، من بينهم 9 أطفال، كما أجبرت المليشيات عشرات الأسر على النزوح من منازلها في المدينة، وفخختها بألغام ومتفجرات، خصوصاً في حي 7 يوليو والزهور، بمديرية الحالي.
يُضاف إلى ذلك سياسة "إحياء الألغام" التي انتهجتها المليشيات، وهي عملية زراعة ألغام جديدة في أماكن الألغام نفسها التي انفجرت، وأوقعت ضحايا بين المدنيين.
وبحسب المنظمة، فإنّ المليشيات كثَّفت عمليات زراعة الألغام في الحديدة، عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (في ديسمبر)، ولا يستطيع المزارعون والصيادون في الحديدة الوصول إلى مزارعهم وقواربهم بفعل حقول الألغام الحوثية التي تحاصر مساحات شاسعة على امتداد سواحل المحافظة.
وأفادت إحصاءات بأنّ خسائر القطاع الزراعي والاقتصادي جرَّاء حقول الألغام الحوثية تبلغ ملياري دولار، كما أنّ هناك 93 منشأة صناعية مفخخة في الحديدة.