همس اليراع

رحم الله الفقيد الأستاذ محمد حسين عبد الله

فجأة وبدونما أية مقدمات غادرنا الأستاذ محمد حسين عبد الله بن دعبان الشعبي اليهري الشخصية التربوية الحترمة والموجه الفني المعتبر في محافظة أبين، عن عمر لا يتجاوز الخامسة والستين وبوفاته خسرت المحافظة شخصية رائدة في الحياة التربوية والتعليمية، وفي التوجيه التربوي لمادة الفيزيا وقبلها لمادة الرياضيات، وهي خسارة لا يمكن تعويضها.
في العام 1978م كنت مديرا لمدرسة رُصُد الإعدادية وكانت الإعدادية الوحيدة في مركز رصد (الذي غدا اليوم ثلاث مديريات هي رُصُد، سراروسبَّاح)، وكان يتعلم في المدرسة طلاب من المديريات الثلاث يقيمون في قسم داخلي يزودهم بالسكن والطعام ولوازم النوم وما إلى ذلك.
وكنت ات يوم دراسي أشرف على مبادرة طلابية لطلاب السنة الثالثة إعدادي بشعبها الثلاث، كمساهمة من المدرسة في صب وردم سقف قسم التمديد للرجال في مستشفى مديرية رصد وهو المستشفى الوحيد في المديريات الثلاث وقد جاء بناؤه عبر المساهمات الأهلية والمبادرات الجماهيرية.
جاءني وأنا مع الطلاب على السطح شابٌ أسمر جميل الهندام شديد التواضع والخجل، ذو لكنة خليط بين اليافعية والخليجية، ليقدم لي قرار تعيينه في المدرسة كمدرس لمادتي الرياضيات والفيزياء وكان اسمه على ورقة التعيين محمد حسين عبد الله.
لم أقل له تعال في الغد ولم أسأله إن كان يحتاج تدبير أمور تخصه بل طلبت منه الإشراف على الطلاب المبادرين فقد كان علي أن أذهب إلى المدرسة لبعض الالتزامات اليومية المعروفة.
قبل الرجل تكليفي على استحياء فربما كان يرتبط بالتزامات تخصه، لكنه لم يتذرع أو يهرب أو حتى ينبس ببنت شفة.
منذ ذلك اليوم غدا زميلاً متميزاً ومدرساً منضبطاً، تتلمذ على يديه مئات وربما آلاف التلاميذ، قبل أن يذهب لاستكمال دراسة البكلاريوس في مادة الفيزياء لينتقل بعدها للعمل كموجهٍ فني لهذه المادة في إدارة التربية والتعليم بمحافظة أبين.
وتشاء الصدف أن نلتقي مرة أخرى بعد العام 1988 بعد أن أكملت بحث الماجستير وانتقلت للعمل في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين لكن هذه المرة كجيران وزملاء معاً وظلت العلاقات الودية تربطنا ببعضنا وكنا نتبادل الأفراح والأتراح ونتقاسم المسرات، والمعاناة عندما تحل بأحدنا أو بكلينا خصوصا بعد كارثة 1994م التي لم ينجُ أحد من تبعاتها المدمرة.
وكنت كلما ألتقيه نتذكر موقف يوم التعيين ونضحك كثيرا فقد اكتشفت أنني كنت مستعجلا على تشغيله ولم أضع اعتبارا لمتطلبات الإتكيت ومقتضيات البروتوكول، حتى قبل أن يتعرف الرجل على مكان المدرسة، وكنا (الاثنين) مملوئين بحماس الشباب وروح الانضباط وحب المبادرة والمشاركة في الهم المجتمعي كشأن غالبية الناس في ذلك الزمن الجميل.
تميز الفقيد بالروح الانضباطية العالية وبالبساطة والتلقيائية وبالصدق والتواضع، كما كان مشاركاً فعالا في النشاطات المجتمعية والفعاليات الإنسانية واستطاع أن يحظى بحب واحترام وتقدير كل من تعرف عليه وشاركه في المهمات والالتزامات التربوية والمجتمعية. 
لقد فاتني أن أشير أن الفقيد كان قد أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في دولة الكويت الشقيقة عندما كان والده مهاجراً هناك، ثم جاء ليكمل دراسته الجامعية في كلية التربية بجامعة عدن.
كانت وفاة فقيدنا محمد صادمة ومفاجئة، وبهذا المصاب الجلل أتقدم بصادق التعازي لولديه بسام ووضاح ولأمهما الفاضلة وأخواتهما الكريمات، كما هي لإخوته الكرام الأستاذ عبد الله حسين عبد الله وقاسم حسين عبد الله وكل إخوانهم وأخواتهم، مبتهلاً إلى الله أن يتغمد فقيدنا وزميلنا وجارنا العزيز محمد حسين عبد الله بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يمن على كل أهله وذويه ومحبيه بالصبر والسلوان.
و"إنا لله وإنا إليه راجعون"

ـــــــــــــــــــــــــ

*من صفحة الكاتب على فيسبوك