من ذكريات (الكتابة) والقضية الجنوبية

ذات يوم كتبنا وقد نشرت الأيام الغراء ما كتبنا وذهبنا فيما ذهبنا إلى أن الولاء كل الولاء يكون لله تعالى ثم لقضية شعب الجنوب العادلة بالنسبة للجنوبيين الذين التحقوا في موكب الثورة الجنوبية التحررية أو الذين يناصرونها من الأحزاب المختلفة، فهذه القضية لا تقبل النفاق السياسي ولا المساومة ولا المتاجرة في سوق النخاسة ولا في سوق السياسة؛ مع أن عددا من السياسيين والنشطاء تاجروا بهذه القضية لمصالح شخصية أو حزبية أو غيرها من المصالح غير الوطنية الجنوبية .
هذا الكلام لم ينشر فقط في مقال ولكنني القيته في محاضرات عديدة في عدن ويافع رصد والسعدي والمفلحي وفي أحور وحالمين والوهط وحبيل جبر وغيرها واشرنا وكررنا أن قضية شعب الجنوب بما أنطوت عليه من هدف استعادة الدولة تأبى أن يشترك معها في الولاء أي ولاء آخر مثل الولاء للأفراد أو القيادات والزعامات مها كانوا وان الحق لا يعرف بالرجال ولكن معرفة الحق أولا فهي التي تودي إلى معرفة من هم رجال الحق .
على حد تعبير الصحابي الجليل علي بن ابي طالب رضي الله عنه. 
كما لا ينبغي الولاء لأي حزب
ان يكون على حساب هذه القضية لأن الوطن فوق الأحزاب وليست الأحزاب إلا وسائل للنهوض بالوطن فمن قدم ولاءه لحزبه على ولائه للجنوب فقد أشرك شركا سياسيا ووطنيا. 
ومن الولاءات الجانبية التي تضر بالقضية ما أشرنا إليه مبكرا وهو أن الإقليم والخارج عموما ليس ببعيد عن المشهد في الداخل وإن لم يكن ذلك واضحا وذهبنا أن على القيادات الجنوبية التي لها صلة بأي دولة إقليمية أو عالمية ان تسخر هذه العلاقة لخدمة القضية الأم قضية شعب الجنوب وهدفها العادل المنشود أما إذا كان الولاء للخارج على حساب القضية فهذه كارثة وشرك وطني أكبر .
لقد كان إصلاحيو الجنوب وحتى قيادتهم في صنعاء يغازلون الحراك الجنوبي في سنوات انطلاقة ولم يحاربوه كما يفعلون اليوم وكانوا يحضرون معنا فعالياته المختلفة،ولكن ولاءهم لم يكن للجنوب ولا لقضيته العادلة بل فعلوا ذلك نكاية بنظام عفاش وضغطا عليه وهو حليفهم القديم الذي صنع معهم قضية الجنوب.
وفي ٢٠٠٩م تقريبا نظم الإصلاحيون في حضرموت قافلة تضامنية مع الفنان الإصلاحي فهد القرني الذي كان معتقلا في صنعاء فكتبنا حين ذاك في صحيفة الأيام وقلنا لهم كيف تظهرون أنكم تناصرون القضية الجنوبية في حين لن تمر قافلتكم التضامنية بعدن الباسلة التي كان يعتقل فيها عدد من رموز الحراك الجنوبي منهم الأخ المناضل علي منصر محمد وكذا لم تعرج قافلتكم في صنعاء لزيارة معتقلي الحراك الجنوبي هناك؟ لقد حسبنا حينها انهم إنما ينافقون قيادتهم في صنعاء بهذا العمل لكن الظاهر انهم كانوا ينافقون شعب الجنوب حين كانوا يتمثلون قضيته العادلة ويظهرون تعاطفهم معها ، مع خالص تقديرنا واعتزازنا لكل إصلاحي جنوبي اصلح حاله وكفر بحزبه المعادي للجنوب والتحق بثورة الشعب الجبارة. 
وحين قامت ثورة الشباب في صنعاء أرادها الإصلاح ان تسقط أولا الحراك الجنوبي قبل إسقاط نظام عفاش ومن ثم يتمكن الإصلاح من سرقة الثورة في الشمال والجنوب معا وقد نجح شمالا وفشل جنوبا فكثف حربه المستمرة إلى الآن ضد الثورة الجنوبيه وقيادتها المجلس الانتقالي الجنوبي .
وحين وجد نظام صنعاء أن ثورة الجنوب مستمرة بقوة وأنه عجز عن القضاء عليها بكل وسائله دفع بشخصيات ونشطاء جنوبيين لاختراقها فتقبلتهم الثورة بصدر رحب وبالغت في احتضانها لهم ولكنها كانت ولا تزال مثل البحر ترمي بهم إلى اليابسة بين محطة وأخرى ومنعطف وآخر وحين حصحص الحق سقطت عنهم الأقنعة. لكنهم طالما كادوا للثورة واربكوها وشوشوا على سمعتها وحالوا دون توحيد مكوناتها السياسية عددا من السنوات إلى أن جاء التفويض الشعبي للرئيس المناضل عيدروس قاسم الزبيدي حلا تاريخيا وعلى أساسه قام المجلس الانتقالي الجنوبي قيادة موحدة لشعب الجنوب وقضيته وثورته . وفي هذه المحطة ذاتها كانت الطيور تدور فوق السواحل بعد أن قذف لها البحر ما قذف، ولكن بحر الثورة لم يقذف بكل من خالف الانتقالي فهناك مخالفون وطنيون لا يسبحون ضد التيار الجنوبي .
وإلى ذكريات أخرى في وقفات قادمة ان شاء الله.