نجاح الانتقالي الجنوبي يدفع حكومة هادي نحو الانتحار

الجمعة 5 إبريل 2019 19:00:00
نجاح الانتقالي الجنوبي يدفع حكومة هادي نحو الانتحار

 رأي المشهد العربي

استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي أن يخطف الأضواء من حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بعد أن تزاحمت العديد من العواصم الغربية على المكون الجنوبي الناجح سياسيا لإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية معه، وهو ما أصاب الرئيس اليمني بالصدمة في وقت لم يحقق على مدار سبع سنوات تولى خلالها رأس السلطة أي إنجاز دبلوماسي من الممكن أن يدفع الأزمة اليمنية نحو الحل.

واقعة اقتحام قوات تابعة للحماية الرئاسية، لمستشفى التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في العاصمة عدن، وقيامها واختطافها لأحد المرضى وإطلاق الرصاص عليه وقتله، تعبر بشكل أو بأخر عن هذا القلق، بل أن الوضع لديها تطور بما جعلها تقدم على الانتحار، إن جاز التعبير، لأن الهدف الأساسي إحداث فوضى أمنية في العاصمة عدن تؤثر سلبا على النجاحات الدبلوماسية والأمنية التي حققها المجلس الانتقالي خلال الفترة الماضية.

وكشفت مصادر مطلعة، أمس الخميس، مزيداً من التفاصيل حول جريمة القوات التابعة للرئيس اليمني هادي، حيث قام أكرم اللحجي وأفرادٌ من الحرس الرئاسي باختطاف القتيل "عقبة علي حيدرة" أحد أبناء منطقة المحاريق من مستشفى أطباء بلا حدود التي تقع على مسافة ليست بالبعيدة من لواء النقل، وتم أخد "عقبة" فجراً واقتياده إلى حوش بجانب مدرسة إدريس حنبلة المقابلة لكود بيحان، وأطلق عليه الرصاص وفرّ هارباً بمعية رفاقه.

حادث اقتحام مستشفى أطباء بلا حدود كان مخططا له بدقه، إذ أنه استهدف أحد المستشفيات التابعة لمؤسسة صحية عالمية وليست محلية، وبالتالي فإن أصدائها تكون خارجية أيضا بما يشي بأن الأوضاع في عدن غير مستقر، وأن المجلس الانتقالي والجهات الأمنية التي تؤمن الجنوب غير قادرة على حفظ الأمن، وبالتالي بعث رسائل عدة للقوى الإقليمية التي تسعى لإقامة علاقات دبلوماسية مع المجلس الانتقالي.

في الظروف الطبيعية من المنطقي أن يكون دور قوات الحماية الرئاسية المساهمة في حفظ الأمن وليس إثارة الفوضى، ولكن الغيرة السياسية تعمي مكونات الشرعية التي تسطير عليها أذرع حزب الإصلاح الإرهابي، وهو ما يعد استمرارا لحالة الفساد والخيانة التي تمارسها تلك الأذرع.

منذ أن تولى الرئيس اليمني السلطة في فبراير 2012، وهو يشعر بأن الجنوبيين سيشكلون كتلة الضغط على سلطته الوليدة، إذ أن دول مجلس التعاون الخليجي أدركت أن القضية الجنوبية يجب أن تخضع لمعالجة ضمن حلول الأزمة اليمنية المعقدة.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، هاني مسهور، إن هادي ينظر لخصومه الجنوبيين كأعداء باعتباره واحدا من أطراف المهزومين في أحداث يناير 1986 وما زالت تلك العقدة في رأسه. كما أنه يعتبر عدم تأييد الجنوبيين له في الاستفتاء الرئاسي انتقاصا شخصيا له.

وأضاف أن الرئيس اليمني هادي يرغب في مقايضة القوى الشمالية سياسة وقبلية بالجنوب في التوازنات، وهذا ما حدث بالفعل من خلال أنه استدعى فصيلا جنوبيا استخدم في مؤتمر الحوار لإقصاء القوى الجنوبية المطالبة بحق استعادة الدولة الجنوبية.

وأشار إلى أن مؤتمر الحوار الوطني أفضى لما أفضت إليه وثيقة العهد والاتفاق. فقد انقلب اليمنيون على ما أوهموا العالم بأنه حوار وطني جامع لهم، فالانقلاب على مؤتمر الحوار أدى إلى انقلاب على الشرعية في صورة مكررة تماماً لانقلاب اليمنيين على وثيقة العهد والاتفاق التي أدت إلى احتلال الشمال للجنوب.

ولكن عاصفة الحزم وتدشين التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كان منعطفا حادا تغيرت فيه توازنات القوى في اليمن، وعلى ذلك كان الجنوبيون إحدى القوى التي استطاعت أن تحقق مكاسب عسكرية واسعة، واستطاعوا أن يفرضوا قضيتهم سياسياً بعد تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي.

ومنذ ذلك الحين فإن حكومة هادي لا تتوقف عن محاربة الجنوب، في وقت تمكنت قيادة الجنوب من أن تحرر أراضيها من الإرهاب الحوثي وباقي التنظيمات الإسلامية المتطرفة على رأسها تنظيمي داعش و القاعدة، وكانت هذه النجاحات عاملا ضاغطا بشكل أكبر على الرئيس اليمني، إذ أن قوات الجيش ظلت في محلها من دون أن تحقق أي نجاحات على مستوى تحرير المحافظات الشمالية التي تسيطر عليها العناصر الانقلابية.

ويذهب "مسهور" للتأكيد على أن المقاطعة العربية لدولة قطر شكلت عاملاً آخر في التعاطي مع القضية الجنوبية، على اعتبار أن الجنوبيين يتوافقون في حظر جماعة الإخوان المسلمين مع دول المقاطعة العربية وقاموا بإعلان التنظيم جماعة محظورة في محافظات الجنوب، وهو ما يمثل أيضاً بُعداً آخر فالقطريون ومنذ العام 1994 كانوا ضمن الرافضين لفك ارتباط الجنوب عن الشمال في موقف مناهض لموقف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات آنذاك.

أخر التطورات التي دفعت الشرعية للجنون تمثل في التدافع الأميركي والروسي والبريطاني على الجنوب، وتأتي فرنسا والمانيا وبلجيكا في الطريق، فالكل أخرج من الأدراج توصيات أممية بمنح الجنوبيين حق تقرير المصير، ومن هنا بدأت الخيانة تظهر في العلن تارة من خلال الحشد لتنظيم تظاهرات وإغلاق الطرق والشوارع الرئيسية، وأخرى عبر تفعيل أدوار الخلايا النائمة لإثارة الفوضى، وأخيرا عبر الانتحار السياسي من خلال التورط المباشر في حادث مستشفى أطباء بلا حدود.