الاختطاف ثم القتل.. روايات مشايخ القبائل عن الابتزاز الحوثي الطائفي
لم تتوقف المليشيات الحوثية بنهب مقدرات اليمن بل تطرقت إلى إرهاب مشايخ القبائل في المناطق الواقعة تحت سيطرتها والذين يرفضون تنفيذ أوامر المتمردين، وتتنوع أساليب الإذلال والابتزاز التي تمارسها المليشيات الحوثية ضد المشايخ في اليمن بدءا بالتهديد والوعيد مرورا بالاختطاف أو الإقامة الجبرية وصولاً إلى القتل.
أحد مشايخ بني مطر يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تقوم المليشيات بإعداد كشوف بمن خالفهم أو الذي لا يؤيدهم والدفع بهم عن طريق مرتزقتهم في كل منطقة وبعدها يتم مضايقتهم لتنفيذ رغبات وتوجيهات المشرفين إذ يطلب منهم رفد الجبهات بالمقاتلين والأموال وفتح مراكز طائفية واستقبال زيارات لقيادات المليشيا والخطباء الحوثيين».
ويضيف: «في حال رأت المليشيات عدم تفاعل الشيخ معها تقوم بإرسال حملة عسكرية مكونة من بضعة أطقم إن كان داخل المدينة أو تنصب له كمينا إذا كان خارج المدينة، فإذا قاوم قتل وإذا انصاع يؤخذ ويتم احتجازه لمدة تتفاوت بين الثلاثة أسابيع والشهر، لا أحد يعلم أين هو وفي أحسن حال يتم إبلاغ أهله بأنه في دورة ثقافية كما حصل مع كثير من المشايخ».
ويقول أحد المشايخ الذي تم اختطافه بمنطقة «دار سلم» قائلاً: «جاء طقم إلى البيت ونزل أحدهم وقال لي محمد علي الحوثي يريد لقاءك في موضوع يهم منطقتك فصعدت معهم السيارة وغطوا رأسي حتى لا أرى، بحجة التكتم على مقر القيادة».
ويردف: «استمرت السيارة تلف الشوارع والأزقة لتتويهي وفي النهاية أدخلوني بدروم وقالوا انتظر هنا وأغلقوا الباب ولم يقابلني أحد إلا بعد يومين».
وعن الممارسات والضغوط التي تمارس تابع: «خضعت لمدة شهر كامل أستيقظ كل يوم فجرا وأردد الصرخة الخمينية قبل كل أذان وبعدها يعطونني ملازم أقرؤها وبعد الظهر يفتحون لي خطب عبد الملك الحوثي أشاهدها وفي رأس الأسبوع يأتي أحدهم يطلب رأيي في الملازم وفيما يقوله عبد الملك، وأن أفصح عن قناعتي التي سلبوها مني، وبعد أربعة أسابيع تعهدت بالتعاون معهم واستقبال خطبائهم في مجلسي، وأعادوني إلى البيت مغمض العينين».
الشيخ أبو أحمد من محافظة إب تعرض هو الآخر للاختطاف، أوقفوه وهو عائد إلى البيت وأجبر على الذهاب معهم، حقنا للدماء حسب قوله.
ويضيف: «غطوا عينيّ وأوصلوني إلى شقة تحت الأرض وأخذوا تليفوناتي وعزلوني عن كل شيء ولم يسمحوا لي بالتواصل مع أحد ولمدة شهر أرغمت على ترديد الصرخة والاستماع إلى المحاضرات وكتبت لهم تعهدا بعدم اعتراض أي مشرف وأن أدعم الجبهة بالمال والرجال».
ويؤكد عدد من المشايخ لـ«الشرق الأوسط» أن الشيخ الذي يرفض إرسال أبناء منطقته من الرجال والأطفال إلى الجبهات يوضع في القائمة السوداء ويتم مضايقته عبر المشرفين التابعين للمليشيات ويفرض عليه جمع مبالغ مالية كبيرة من مواطني منطقته وتجهيز قوافل غذائية لدعم الجبهات.
ويوضح: «يتم تفتيشهم وتقييد تحركاتهم وأحيانا يتم إهانتهم وتوقيفهم، أو التهجم عليهم وإذلالهم.
ولتفكيك القبيلة اليمنية وترويضها كانت أقدمت المليشيات الحوثية على تشكيل ما أطلقت عليه «مجلس التلاحم القبلي» في صنعاء وفي المحافظات الخاضعة لها، ونصبت له أحد الشيوخ الطائفيين الموالين لها ويدعى ضيف الله رسام.
وتحاول الجماعة أن تستقطب من تستدرجهم من صغار المشايخ في مشروعها الطائفي، عبر منح السيارات وتخصيص المنح المالية والسلاح، لكنهم لا يستطيعون أبدا التخلف عن تلبية صوت المليشيات أو رفض أي من طلباتها.
وحسب بعض الإحصائيات، فإنه يوجد أكثر من 400 قبيلة صغيرة في اليمن وتتعدد أسماء المشايخ في هذه القبائل ما بين «شيخ للقرية» و«شيخ عزلة» و«شيخ ضمان» و«شيخ قبيلة»وشيخ مشايخ، وهذه الأخيرة أكبر مرتبة من بينهم.
ووفق إحصائية مصلحة شؤون القبائل عام 2005 بلغ المسجلون فيها من المشايخ نحو 399 شيخا، منهم 8 شيوخ مشايخ، و69 شيخ ضمان، و222 شيخا و100 شيخ محل.