المشاريع الصغيرة والمشاريع الكبيرة
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
كَثُر تداول تعبير "المشاريع الصغيرة" في الوسط السياسي اليمني، ويستخدمه الكثير من السياسيين والإعلاميين اليمنيين ليتهموا به كل من لا يروق لهم توجهه السياسي أو خطابه الإعلامي، وغالبا ما يستخدم هذا التعبير من قبل أصحاب المشاريع الشخصية الصغيرة فعلاً ، كـ"فزاعة" لتخوين وترهيب أصحاب القضايا الجادة.
ما تجدر الإشارة إليه أن هذا التعبير قد شاع في اللغة السياسية اليمنية منذ نحو عقد من الزمان، عندما كان يجري الإعداد لـ"أكبر مشروعٍ صغيرٍ" في اليمن وهو مشروع التوريث وبعده مشروع "اقتلاع العداد" الذين أثارا ما أثارا من الجدل والنزاع والاقتتال والانقلاب ثم الحرب الراهنة.
كل هذا لم يمنع أصحاب "المشاريع الصغيرة" الفعلية أن يرفعوا هذه الفزاعة كهراوة في وجه كل صاحب حق يصر على التمسك بحقه، وبعض هؤلاء يقولها بوقاحة وفجاجة ضد الشعب الجنوبي وقواه السياسية في محاولة لإرهاب الجنوبيين للكف عن المطالبة باستعادة دولتهم وبناء جنوبهم الجديد، بينما لا يخجلون من الإفصاح عن دفاعهم عن الفاسدين والناهبين ومن ساهموا في غزو الجنوب ونهب ثرواته وقتل أبنائه وتدمير دولته والإفتاء بهدر دماء كل جنوبي، في حين يتظاهر (الأذكياء) منهم بالحصافة فيطلقون التعبير في سياق "حمَّال أوجه" لكن كل لبيب يفهم ماذا يقصدون من خلال معرفته للمصالح التي يدافعون عنها.
ما زال الكثيرون يتذكرون الخطابات المتكررة للرئيس السابق علي عبد الله صالح عندما اختطف هذا التعبير، وراح يتهم نشطاء الثورة الجنوبية السلمية بأنهم من "أصحاب المشاريع الصغيرة" ولاحقاً استخدم نفس الهراوة في وجه شباب الثورة السلمية في العام ٢٠١١م ويتذكر الجميع كيف أعلن الثلاث الأيام التالية لجمعة الكرامة (١٨ مارس ٢٠١١م) كأيام حداد على شهداء "المشاريع الصغيرة"، ليتضح لاحقاً أن مشروعه كان فعلاً "مشروعاً كبيراً" فأكثر من ٦٣ مليار دولار (وهو ما كُشِفَ عنه فقط) لا يمكن أن تُعَدَّ "مشروعاً صغيراً".
هل يرعوا الذين ما يزالون يراهنون على مخادعة الشعوب بالعبارات الزئبقية متظاهرين بالحرص على الوطن وهم لا يحرصون إلا على أموالهم وثرواتهم التي كسبوها بالحق والباطل، ومتوهمين أن الشعب ما يزال يعيش على مفاهيم وأوهام ما قبل زمن الثورة الرقمية وما قبل ٢٠١٥م؟ هل يرعوون ويأخذون عبرةً من الأمس القريب؟ وهل يعودون إلى الحق ليبحثوا المشاكل والظواهر من جذورها وأسبابها؟ أم إنهم سيظلون متمترسين وراء خنادق "الهنجمة" و"العنتريات" التي لم تمنع عشرات الصبية من السيطرة على دولة كاملة مساحتها بحجم "الجمهورية العربية اليمنية"؟؟