بين عبد الملك ومعين عبد الملك

بادئ ذي بدء لا بد من التنويه إلى إننا عند ما نتناول اسماً من الاسماء بالمناقشة أو النقد، فنحن لا نقصد شخصيته أو خصوصيته، بل نتحدث عنه كمسؤول في وظيفة حكومية أو مركز سياسي يخص المجتمع كل المجتمع، وليس لأنه فلان أو علان من الناس، وعندما نتحدث عن معين عبد الملك فذلك لأنه رئيس وزراء في بلاد اسمها اليمن، ولو إنه بقي موظفاً في شركة أولاد الصغير لما عرف اسمَهُ إلا أهله وأولاد الصغير وزبائنهم ولما تعرض له أحدٌ بخيرٍ أو شر.

ما الفرق بين عبد الملك الحوثي، ومعين عبد الملك؟

إن التشابه لا يقتصر على الأسماء بل يمتد إلى الأفعال والسلوك والعقليات.
وبالنسبة للجنوبيين على وجه الخصوص، فالأثنان قاتلان مجرمان يستحقان المثول أمام القضاء ليقولَ كلمة العدالة بحقهما.

أحد الزملاء الإعلاميين اقترح دمج الاسمين في اسم واحد وتسميتهما معين عبد الملك الحوثي قائد المسيرة القرآنية والتعذيبات الكهربائية والمقاولات بالتكليف ونهب الميزانية.

عبد الملك الحوثي شن حرباً على شمال اليمن واختطف الدولة كما تختطفُ الذئاب الفريسةَ، وفي الجنوب قتلت قواته وقوات حليفه السابق (الرئيس السابق ايضاً) عشرات الآلاف من البشر معظمهم أطفال ونساء وعجزة، مدنيون لا يعرفون حتى كيفية استخدام السلاح، ودمرت كل وسائل الحياة قبل أن تنسحب مذمومةً مدحورةً في ١٧ يوليو ٢٠١٥م.

ومعين عبد الملك وعلى مدار خمس سنوات ونيف قتل أكثر مما قتلت قوات عبد الملك الحوثي وحليفه (ضحيته فيما بعد) من الضحايا وبصمت الخشب والأصنام الحَجَرية.

قوات عبد الملك الحوثي وحلفائه قتلت وما تزال تقتل، بالقذائف والرصاص والمدفعية والصواريخ والطائرات المسيرة، وهي تواصل هذا في الضالع والمسيمر والصبيحة وكرش ومكيراس وبيحان وعلى طول الشريط الحدودي، بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقاً) والجمهورية العربية اليمنية(سابقاً).

ومعين عبد الملك لا يستخدم البندقية والرصاص والطائرات المسيرة، لكنه يستخدم سلاحاً أقوى من كل هذه الاسلحة، إنه سلاح التجويع وحرب الخدمات والعبث بالموارد دونما حسيبٍ ولا رقيب.

أتلقى يومياً العشرات من الرسائل ونداءات الاستغاثة من أبناء وبنات عدن وكل محافظات الجنوب، منهم زوجات شهداء، جرحى حرب، ومن زملاء موظفين بلا رواتب، ومن أرقام لا أعرف اصحابها، يبكون دماً مما يعانون من المرض والجوع والإهانة والاختناق بحرارة الصيف، وعذابات الاوبئة، ويطلبون مني أن أكتب عن حالاتهم ومعاناتهم، وأن اوصل سخطهم إلى الجهات المعنية، معتقدين أنني في موقع صناعة القرار، ولا يعلمون أن مذكرتي للاستجواب التي قدمتها لمعين عبد الملك محجوزة في دهاليز مجلس النواب الذي لم يجتمع وقد لا يجتمع.

لا فرق بين عبد الملك ومعين عبد الملك إلا فارق الخشونة والنعومة، فالقاتل الخشن واضح ومحدد ومكشوف وفج ولا يتخفى وراء الكلمات المموهة والعبارات الزئبقية، بل يقتل وبعد كل قتلة يتحدث عن النبي وآل البيت والقرآن والمسيرة القرآنية، بينما القاتل الناعم يستخدم المفردات الزئبقية كـ"الإصلاح الشامل" و"التعافي الاقتصادي" و"محاربة الفساد" و"حوكمة الدولة" ويعمل عكس ما يقول في كل خطوةٍ يخطوها وكل ورقة (أمر إداري أو قرار حكومي) يوقع عليها.

سياسة التجويع المتبعة من قبل حكومة معين عبد الملك ليست خطأ سلوكياً، وتوقيف مرتبات الموظفين والمتقاعدين الزهيدة، التي لا تسد مصاريف أسبوع واحد، ليست بسبب العجز المالي، وحرب الخدمات، كهرباء، مياه، وقود، تطبيب، تعليم ، خدمات بلدية، كل هذا ليس بسبب شحة الموارد ولا سوء الإدارة، لكنها سياسة متعمدة ومقصودة تمثل استمراراً لسياسة القتل الحوثية وسياسات التدمير العفاشية المتبعة منذ ١٩٩٤م مع فارق الفجاجة والبلادة وعدم التستر بالشعارات فقط.
وأخيراً لعناية النائب العام

معين عبد الملك، لا تنبغي إقالته قبل أن توجه يا سيادة النائب العام أمراً قضائياً بمنعه وكل وزرائه من السفر، وإحالتهم إلى التحقيق وبعد ذلك تبرئة من يثبت عدم تورطه بجرائم الفساد والتجويع والقتل البطيء لمواطني الجنوب.

إنني أعتبر هذا بلاغاً لك يا سيادة النائب العام في عدن.

وأرجو ممن لديه رقم هاتف النائب العام أو عنوان بريده أن يقوم بإيصال هذا البلاغ إليه أو يزودني به على الخاص، للتواصل معه وتقديم هذا البلاغ إليه.

تلك هي أوجه التشابه والتباين بين عبد الملك ومعين عبد الملك،

ورحم الله صديقي السفير المحترم عبد الملك سعيد الوحش الذي أورث لنا هذه الكارثة التي تلوث اسمه كلما نطقها إنسان، وليته لم يورث.