خطة جريفيث.. لماذا يكثّف المجتمع الدولي الضغوط على الحكومة؟
في الوقت الذي تصر فيه مليشيا الحوثي الانقلابية على خرق اتفاق السويد يوماً بعد يوم، لا يزال المجتمع الدولي متمسكاً بالاستمرار في هذا التوجُّه.
دوائر دبلوماسية غربية كثّفت في الفترة الأخيرة، تواصلها مع الحكومة ضمن مساعيها لتمرير خطة المبعوث الأممي مارتن جريفيث بخصوص المرحلة الثانية من اتفاق إعادة الانتشار في الحديدة والتي تتطرق إلى الترتيبات النهائية الخاصة بالأوضاع الأمنية والإدارية في المحافظة.
وكان المبعوث الأممي قد أعلن أنّ الحكومة والمليشيات الحوثية وافقت على خطة المرحلة الأولى من إعادة الانتشار خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، لكنَّه لم يحدد موعداً لبدء التنفيذ، فيما تقول مصادر حكومية إنّ الانقلابيين يرفضون التنفيذ ويناورون لكسب الوقت مع استمرارهم في خرق الهدنة.
ويستبعد مسؤولون حكوميون أن يعقد لوليسجارد أي لقاءات مشتركة هذه المرة تجمع بين ممثلي الفريق الحكومي وممثلي المليشيات التي نقلت من الحديدة كل ما هو ثمين في الآونة الأخيرة وكأنها تتحسب لانهيار المساعي الأممية واستئناف العمل العسكري.
ويرى مراقبون أنَّ التعنُّت الحوثي يُهدِّد استمرار الاتفاق الخاص بالحديدة، ويضع جهود السلام الدولية والأممية أمام امتحان صعب، ما يجعل من عودة المعارك أمراً ضرورياً واضطرارياً لإيقاف العبث الحوثي الجاري في الساحل الغربي.
وعند إبرام الاتفاق ببنوده الواضحة التي نصّت على خروج مليشيا الحوثي من الموانئ الثلاثة وأن تسلم لشرطة خفر السواحل تحت إشراف مراقبين دوليين والأمر كذلك فيما يخص مدينة الحديدة عاصمة المحافظة، إلا أنّه عند تنفيذ الاتفاق اصطدمت المليشيات بكبير المراقبين الدوليين السابق باترك كاميرت عندما طلب منهم تنفيذ بنود الاتفاق كما هي ومن دون تأويل أو تفسيرات مغلوطة، إلا أنّ المنظمة الدولية رضخت لابتزاز المليشيات وأقدمت على استبدال كبير المراقبين بالجنرال مايكل لوليسجارد.
ومنذ تسلُّم لوليسجارد مهام عمله، توضح الصحيفة أنّه حاول دفع المليشيات لتنفيذ الاتفاق على مراحل واستوعب مخاوفها، وبعد أربعة أشهر اقترح ومعه المبعوث الدولي مارتن جريفيث خطة بديلة لتنفيذ الاتفاق تبدأ بخروج المليشيات من ميناءي الصليف ورأس عيسى مسافة خمسة كيلو مترات فقط مقابل تراجع القوات الحكومية إلى ما بعد مطاحن البحر الأحمر وفتح المعابر لمرور قوافل الإغاثة من الميناء إلى كل المحافظات بسلاسة، ومع هذا واصلت المليشيات تعنُّتها وابتزاز المجتمع الدولي برعاية أممية ترفض حتى اللحظة تسمية الطرف المعرقل للاتفاق.
وفي الشهر الخامس للاتفاق، أبلغت المليشيات المبعوث الدولي موافقتها على الخطة في مرحلتها الأولى على أن يخوض الطرفان جولة جديدة من المحادثات للاتفاق على تفاصيل المرحلة الثانية وهي الأهم والتي تشمل ميناء الحديدة، ومدينة الحديدة والتحقُّق من هوية عناصر قوات خفر السواحل التي ستتسلم الموانئ وأيضاً قوات الأمن التي ستتولى حفظ الأمن في عاصمة المحافظة.
ولأنّ الخطة الجديدة المقترحة للمرحلة الأولى احتاجت أربعة أشهر من المفاوضات مع المليشيات وتعديلات كثيرة فإنَّ المرحلة الثانية وهي الأصعب لا شك ستحتاج إلى وقت أطول وربما ينتهي العام ولم يحصل المبعوث الدولي على موافقة نهائية ومرضية من المليشيات، وهذا النهج فتح شهيتها لابتزاز الحكومة والتحالف والمجتمع الدولي بعد أن حولت ملايين المدنيين في مناطق سيطرتها رهائن ومأساتهم أداة للمساومة.
وتقترح الخطة في مرحلتها الأولى، تمركًّز قوات الطرفين في مواقعها بالأسلحة الفردية والمتوسطة فقط على أن يتم إخراج الأسلحة الثقيلة إلى مسافة لا تقل عن 20 كيلو متراً من المدينة، ونشر مراقبين دوليين في خطوط التماس والمناطق التي سيتم الانسحاب منها، كما أنها أهملت موضوع السلطة المحلية المنتخبة التي ستدير المحافظة وقوات الأمن استناداً إلى وثائق العام 2014 أن تقوم المليشيات بسحب جزء من عناصرها وإبقاء الجزء الآخر تحت مسمى قوات أمن أو شرطة خفر السواحل.