عن توفيق .. المُوفق والمُحترم

إنه توفيق جازوليت، أشهر مراسل حربي في الحقبة الذهبية لإنطلاق الفضائيات العربية منتصف التسعينات. رجل عصرته السنين فراكمت لديه الخبرات بوعي عالٍ، وصلابة موقف حديدية.

الصحافي المخضرم والأستاذ المُلهم لجيل التسعينات، الذي كنّا نتسمر أمام شاشة mbc لنترقب صولاته وجولاته في حرب العام 1994م بين جبهات القتال، في عدن وحضرموت، راصدا حقيقة الحرب المُّرة.

لا زلت أتذكر تلك اللحظات العصيبة التي كنت ووالدي وأشقائي نتلهف لمشاهدتها، ولمتابعة صاحب الطلة الأشهر والحضور الأكبر والصوت الجهوري. سيما بعدما عرفنا أن الصحافي الشهير استعان بعمنا الإعلامي الراحل صالح هادي مطبق، طيب الله ثراه، ليكون المصور المرافق له في رصد وتوثيق تلك الأحداث.

لحظات كانت نادرا ما تخلو من انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة سيئون، لكننا كنا محظوظين بمتابعة التلفزيون عبر جهاز يعمل على بطارية السيارة، لازال الوالد يحتفظ به.

كانت لحظات صمت وترقب مهيبة، تعتريها التساؤلات عن المصير و المآلات .. متى سيطل علينا جازوليت؟ وماذا سيقول؟ هل لديه أخبار سارة، هل لديه مزيد من تفاصيل الحقيقة؟ تلك الحقيقة التي نقلها بأمانة، والتي بسببها عاش خالدا في الذاكرة الجمعية للجنوب وشعبه.

إنه المراسل الذي لا يخشى أصوات المدافع ولا القذائف، إنه توفيق المُوفق والمحترم، الذي ظللت كغيري من الإعلاميين الجنوبيين أبحث عنه منذ سنين، حتى اهتديت صدفة الى حسابه في الفيس بوك، وظفرت بإجراء اول حوار صحفي معه عن الحرب بعد غيابه عن المشهد الإعلامي لأكثر من عشرين عاما تفرغ فيها لتدريس القانون الدولي.

كم كانت سعادتي غامرة عندما شاهدته ضيفا، الجمعة، في برنامج ( اليمن في أسبوع) على قناة أبوظبي، كان كما عهدناه صلبا وموضوعيا، سردا للتاريخ، وقراءة موضوعية وتحليلة للمشهد الذي خبره من أكثر من عقدين من الزمان.

ولا اخفي أنني تأثرت لمشاهدته أثار الزمن على ذلك الرجل المحترم.

لك ترفع القبعات، وتقبل مني هذه الكلمات التي لن توفيك حقك.

تحياتي