واقعية التحالف وخيانات الإصلاح.. لماذا لا يتكرر سيناريو الثورة المصرية؟
رأي المشهد العربي
عندما قامت ثورة 30 يونيو في مصر، اتخذت المملكة العربية السعودية موقفاً مناصراً دعّمت فيه الإرادة الشعبية التي رفضت حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وكان هذا الدعم صريحاً وحاسماً وحازماً، يُنتظر أن يتكرر في اليمن أيضاً، بعد سلسلة لا تنتهي من خيانات حزب الإصلاح.
يُعرف عن حزب الإصلاح، شأنه شأن جماعته الإرهابية باعتباره ذراعها السياسية، "الرقص على كل الحبال"، فكثيرٌ من عناصر الإخوان المنضوية تحت لواء "الشرعية"، لا تعمل فقط لمصالح فردية، بل تقوم هذه العناصر بطعن التحالف من الخلف في خيانة يتربح منها ورائها الحوثيون، ويتوجّع على إثرها اليمنيون.
كثيرةٌ هي الوقائع التي فضحت "خيانات" الإخوان ضد التحالف، وفي المقدمة من ذلك نائب الرئيس علي محسن الأحمر الذي تورَّط في تسليم عددٍ من المواقع لصالح الحوثيين، تنفيذاً لأجندة قطرية من مقتضياتها إعادة جمع الإخوان والحوثيين في جبهة موحدة.
وفجّر تقدُّم ميداني لمليشيا الحوثي موجة انتقادات لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي وطريقتها في إدارة شؤون المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وترتيب شؤونها الأمنية والعسكرية لتأمينها من غزو حوثي جديد، وسط صمت مريب على خيانات الإصلاح.
يُضاف إلى ذلك أيضاً أنّ الكثير من قادة الجماعة (المصنفة إرهابية) سبق لهم أنّ انشقوا وانضموا إلى صفوف الانقلابيين.
وقد كانت محافظة الجوف تحديداً شاهدةً على الكثير من وقائع الخيانة الإخوانية، ففي منتصف مارس الماضي كشف المتحدث باسم المنطقة العسكرية السادسة عبدالله الأشرف عن تفاصيل ما قال إنّها "اتفاقية" تجمع بين محافظ الجوف أمين العكيمي، ومليشيا الحوثي.
الأشرف قال إنّ المليشيات الحوثية لا تُفجِّر منازل قادة الجيش والسلطة بمحافظة الجوف بل يتبركون بها، وأوضح: "ليس غريباً أن نخوض حرباً طاحنة لا هوادة فيها في أرضنا ومناطقنا مع الحوثيين خلال الثلاث السنوات لأننا نريد التحرير ولكن الغريب أن يعقد محافظ الجوف اتفاقية مع الحوثيين أن منطقته آمنة للطرفين وعندما يتقدم الجيش من منطقته يطعنون منها بالكمائن والألغام".
الخيانة الإخوانية تنقسم إلى شقين، أحدهما مباشر يتمثل في الانضمام إلى الانقلابيين والقتال في صفوفهم، أو أن يتم تسليم بعض المواقع للحوثيين وتسهيل سيطرتهم عليها، ولا صوت يعلو في ذلك على ما يقترفه محسن الأحمر عبر عناصره النافذين في الجيش من أعضاء جماعته الإرهابية.
تفرض هذه الحالة المزرية على التحالف العربي ضرورة إعادة تقييم المشهد بشكل كامل، وإذا كانت الرياض على رأس التحالف العربي، قد قبلت انضواء الإخوان في حكومة هادي على الأقل في الفترة الراهنة للتركيز على جبهة واحدة وهي مواجهة المليشيات الحوثية، إلا أنّ الوضع بات يُشكل خطراً مروعاً على مستقبل التحالف، وبالتالي فيتوجّب إعادة تقييم المشهد بشكل واضح، يتم فيه كبح جماح الإصلاح في الحكومة.
وبات من الضروري على التحالف العربي، أن يعي حجم رقص الإخوان على كل الحبال، ففي الوقت الذي يدعون فيه تأييد التحالف والعمل تحت لوائه ومعاداة الحوثيين، فإنّهم على الجانب الآخر يوطّدون أواصر تعاونهم مع المليشيات الحوثية.
ويُفهم من التعاون المشترك بين الجبهتين الإرهابيتين إلى أنّهما جماعتان تسعيان إلى السلطة مقابل أي ثمن، وبالتالي فإنّ اتفاق الجانبين يعمل على إنهاك التحالف والشرعية في حرب طويلة الأمد أملًا في أن تخلو لهما الساحة، ومن غير المستبعد أن يجمعهما صدام في وقتٍ لاحق، تقوم كلٌ منهما بمحاولة الاستئثار بالسلطة.