ائتلاف الدبابة ضد الجنوب.. الحكومة الإخوانية تسرق الأرض وتصادر الهوية
السبت 27 إبريل 2019 21:10:10
"كم كنت وحدك، يسرقون الآن جلدك".. الكلمات التي وثّق الشاعر الشهير محمود درويش لحظات السطو الاحتلالي الصهيوني على أراضي فلسطين، قد يغيرها الجنوبيون، سيملؤون الأرض صوتاً وهتافاً، يقولون "يسرقون الآن أرضك".
يوماً بعد يوم، لا تتوقف محاولات حزب الإصلاح (الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية) عن النيل من قضية الجنوب، أرضاً وشعباً وهوية، فقاد مؤامرة شاركت فيها أطرافٌ في الحكومة، منضوية تحت لواء بغية استهداف الجنوب، وذلك عبر تأسيس ما يُسمى "الائتلاف الوطني".
اليوم السبت، تباهى حزب الإصلاح وقادته النافذون في الحكومة، والوزراء المنتفعون مالياً وسياسياً من ورائه بالإعلان عن تشكيل هذا الائتلاف، وهي خطوة إخوانية تستهدف في المقام الأول زعزعة استقرار الجنوب والنيل من النجاحات الكبيرة التي يُسطّرها المجلس الانتقالي الجنوبي في الفترة الأخيرة، على الصعيدين السياسي والعسكري.
الهالة الإعلامية المزيفة التي روّجها الإصلاح لا سيّما عبر أبواقه الإعلامية تصادمت مع حقيقة فاضحة، فكل هذه الضجة الإخوانية كانت من أجل اجتماع استغرق فقط الساعة، وعُقد بمديرية الشيخ عثمان في عدن من ورائه مدرعات عسكرية وأطقم مسلحة، استبدلت مكانها من التصدي للمليشيات الحوثية إلى تأمين المؤامرات وحماية الألاعيب المريبة.
الدور الأمني كُلِّف به وزير الداخلية أحمد المسيري الذي كان قد عقد اجتماعاً تمهيدياً في العاصمة عدن قبل أيام، مع أعضاء اللجنة التحضيرية للائتلاف المثير للريبة بحضور الأمين العام للمجلس المحلي لمحافظة عدن بدر معاون، حيث تحدّث نائب رئيس الحكومة، خلال اللقاء، عن دعمه للاجتماع الخاص بإشهار الائتلاف من عدن، زاعماً أنّ الائتلاف يمثل إضافة للعمل الوطني السياسي الجنوبي.
وزير النقل صالح الجبواني، المتهم بالعديد من جرائم الفساد، والذي ينفّذ أجندات قطرية إخوانية تُملي خزائنه بالكثير من الأموال، تباهى عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بهذه الخطوة، وزعم أنّ الائتلاف أصبح المكون السياسي الذي يحمل مشروع الرئيس هادي "وثيقة الحوار الوطني" وبناء الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة.
الجبواني - الفاسد بحكم الاتهامات - حاول توجيه رسالة إلى الجنوبيين وإن بشكل غير مباشر، تنال من المجلس الانتقالي، إلا أنّ التفاف الجنوبيين وراء قادتهم في المجلس يصفع مثل هذه المؤامرات التي تقوم تحت غطاء "الشرعية"، وبتحريك وتنفيذ مباشر من قِبل نائب الرئيس علي محسن الأحمر ورجل الأعمال أحمد العيسي، وكلاهما ملّ اليمنيون من حصر جرائم فسادهما وإرهابهما.
دعاة هذا المؤتمر روّجوا "كذباً وتضليلاً" أنّ كافة أطرافه من الجنوبيين، لكن في الحقيقة تبيّن يضم أحزاباً ومكونات هي في الأصل تحمل الكثير من العداء للجنوب، بالإضافة إلى مشاركة شماليين تحركهم أجندات حزب الإصلاح في المقام الأول، ورائحة الإرهاب التي تفوح منها بشكل مكثف.
كما أنّ الجبواني الذي روّج لتبني مشروعهم لما تسمى الدولة الاتحادية والأقاليم الستة، لم يلفت انتباهه الرفض الجنوبي القاطع لذلك، فضلاً عن أنّ مشروع الأقاليم الستة لم يتم إقراره في الحوار الوطني، وهو ما يفضح كيف يروّج دعاة هذا التوجّه للأكاذيب والألاعيب من أجل تمرير أجنداتهم.
وأثببت قادة هذا التحرك ما وصفه محللون بـ"غباء سياسي منقطع النظير"، إذ تمَّ تصعيد عناصر فُضحت علاقاتها بقطر (وعلى رأسهم الجبواني)، بالإضافة إلى عناصر مدرجة أسماؤها بقوائم إرهابية.
ينقسم هذا التحرك الإخواني المتلحف بغطاء الشرعية إلى جانبين، أحدهما "ممول" ويؤدي هذا الدور رجل الأعمال أحمد العيسي المتهم بقضايا فساد، والآخر صاحب سيناريو هذا التحرك، وهو نائب الرئيس علي محسن الأحمر، الذي رسم المخطط من خلال ضم شخصيات موالية لجماعة الإخوان الإرهابية وقيادات من الشمال تتستر تحت غطاء الحكومة، مع تمثيل ضئيل للغاية من شخصيات الجنوب؛ في محاولة لإضفاء صبغة شرعية على هذه التحركات.
ويعتبر "الأحمر" و"العيسي" من أبرز رجال المال في تنظيم الإخوان، وكانا يسيطران مالياً وعسكرياً على الحديدة، حيث كان الأحمر يوفر الحماية العسكرية لتاجر النفط الشهير (العيسي)، فيما كان الأحمر يمتلك قوات عسكرية يدين قادتها له بالولاء، وهي القوات التي لم تطلق طلقة رصاص واحدة صوب الحوثيين الذين احتلوا الحديدة دون أي مقاومة.
وكانت هذه الأطراف قد حاولت عقد مؤتمرها في القاهرة قبل أسابيع إلا أنّ ضعف الحضور قاد إلى فشل الذريع، حاولت جماعة الإخوان وذراعها السياسي (حزب الإصلاح) التغطية عليه بإدعاء أنّ دوراً إماراتياً بالتسنيق مع القاهرة لعب دوراً في هذا السياق، وهي رواية فُضِح كذبها عبر أحد الذين كان يُفترض أن يشاركوا في المؤتمر عندما قال إن الأمن المصري لم يمنع المؤتمر، وأكد أن السبب في ذلك هو عدم حضور أحد للاجتماع باستثناء أولئك الذين يمكن وصفهم بـ"قطع الدومينو".
هذه التحركات تتماشى مع هجمات توجه إلى الجنوب عبر أطراف محسوب على الحكومة، وهي تحركات يمكن فهم أنّها تأتي رداً على النجاحات الهائلة التي حقّقها المجلس الانتقالي الجنوبي في الفترة الأخيرة، والتي تجلّت في زيارة رئيس المجلس اللواء عيدروس الزبيدي إلى بريطانيا وروسيا، وهو ما يخدم مستقبل دولة الجنوب بشكل كبير، ويمنحها رقماً مهماً على الساحة السياسية إقليمياً ودولياً، وما يزيد من الأمر قوة أنّ هذه الزيارات جاءت بدعوات رسمية تُوجّه إلى قادة المجلس وليس بطلب منها.
ويمكن القول إنّ السبب الرئيسي في الهوس الكبير الذي أصاب أعداء الجنوب هو زيارة قادة المجلس الانتقالي لدول عظمى لها ثقلها على الصعيد السياسي دولياً، وهو ما يخدم مستقبل دولة الجنوب بشكل كبير، ويمنحها رقماً مهماً على الساحة السياسية إقليمياً ودولياً، وما يزيد من الأمر قوة أنّ هذه الزيارات تأتي بدعوات رسمية تُوجّه إلى قادة المجلس وليس بطلب منها.