رأي المشهد العربي
إذا نظرنا بتمعن لخطوات مليشيا الإصلاح في محافظات الجنوب، فسنجد أن هناك بصمات قطرية تحملها جرائمهم على مدار الأشهر الماضية، بدءا من الخيانة التي عهدت عليها قطر مع البلدان العربية المجاورة والتي كانت صديقة لها، ومرورا بالسعي المتكرر نحو تفتيت القوى بحثا عن تحقيق نجاحات شخصية، ونهاية باستخدام عنصر التمويل في تحقيق مكاسب على أرض الواقع سواء كان ذلك تمويلا ماليا أو بشريا.
العامل الأول الذي يسير الإصلاح نحو تطبيقه في محافظات الجنوب المحررة يرتبط بالخيانة، وهو أمر يبرع فيه تنظيم الإخوان ومن خلفه قطر التي لا تتوقف عن اتخاذ مواقف سياسية وعسكرية لخيانة جيرانها وحلفائها، وتكرره مليشيات الإصلاح التي سلمت بعض المناطق التي كانت موجودة بها شمال الضالع إلى العناصر الانقلابية، ولم تتوانى قياداتها عن تقديم المعلومات العسكرية الهامة لمليشيا الحوثي.
وإن لم يكن هناك خيانة بالمعني الحرفي فإن الإصلاح في كثير من المواقف اختار أن يأخذ موقف الحياد في وقت يعتبر فيه الحياد خيانة وهو ما مكن الحوثي أيضا من السيطرة على العديد من المناطق من دون أن يكون هناك تدخل من قبل ألوية الجيش التي يسيطر عليها عناصر إخوانية، وهو نفس الأسلوب الذي حاولت قطر لعبه في عاصفة الحزم بعد أن أعلنت مشاركتها في التحالف العربي من جانب وعملت على خيانة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على الجانب الآخر.
أما النقطة الثانية في الأجندة القطرية فتتعلق بالتفتيت، وسياسية "فرق تسد"، أسلوب قطري معروف في العديد من المواقف السياسية والدبلوماسية الخاصة بها تحديدا داخل مجلس التعاون الخليجي، ولكنها في جميع المرات فشلت وظلت لوحدها بعيدة عن الإجماع الخليجي، وخطوة الإصلاح لتشكيل ائتلاف يحمل مصطلح "جنوبي"، هو الآخر يعبر عن سياسية فرق تسد القطرية ولكنه أيضا سيفشل لأن أبناء الجنوب متوحدين نحو قيادتهم المتمثلة في قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويسعى الائتلاف الذي تأسس، السبت، لإحداث الفتنة والتفرقة ما بين أبناء الجنوب، إذ أنه اتخذ شعاراً (معاً نحو الدولة الاتحادية لتحقيق الإرادة الشعبية لأبناء الجنوب)، والهدف من وراء هذا العنوان إحداث تفرقة سياسية وأمنية ما بين المواطنين الذين يؤيدون المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي حقق لهم آمالهم التي كان يتطلعون إليها منذ أن تم تشكيله قبل عامين تقريبا .
حاول الإصلاح جاهدا أن يتخفى وراء هذا الائتلاف الدموي ولكنه أنفضح كما أنفضح النظام القطري من قبل، لأن برنامج وخطاب وتصريحات المؤتمر المزعوم طغى عليه الحزبية الإصلاحية، وبالتالي فإن الجميع أدرك أن الهدف منه أساسا إحداث ضبابية سياسية لدى الداخل والخارج عن طبيعة وجوهر القضية الجنوبية، واستهدافها بنيران حزبية باسم أعضاء هذا الائتلاف وبمحاولة فرض عليها مشاريع سياسية قديمة تجاوزتها الأحداث وداستها جنازير الدبابات.
ويمارس الإصلاح من وراء هذا الائتلاف، أسلوب التخفي والفهلوة ويتعمد أساليب الخديعة والمخاتلة، والاختباء خلف مسميات أخرى لغرض الاحتيال وتزييف إرادة الناس ووعيهم وانتحال صفة شعب بأسره من خلف ساتر معتم، وهو الأمر الذي تمارسه قطر والتي تتخفى خلف طهران وتحاول أن تكون غير ظاهرة في المشهد السياسي للمنطقة.
النقطة الثالثة في الأجندة القطرية وهي الأبرز التي تعتمد عليها قطر وترتبط بالتمويل، والقصد هنا ليس التمويل المالي فقط، والذي تعتمد عليه قطر بشكل أساسي، ولكن هناك تمويل بشري يقوم به عناصر الإخوان الممثلين داخل حكومة الشرعية من خلال تهريبهم للمقاتلين الأفارقة ليكونوا وقود المعارك التي يخوضها مليشيا الحوثي ضد المقاومة الجنوبية.
وذكرت مصادر أمنية، أن الحوثيين يقومون بالاستعانة بالمرتزقة الأفارقة في حربهم ضد ألوية العمالقة بالحديدة من أجل تعويض النقص في العنصر البشري بعد سحق قواتهم في المعارك المباشرة مع المقاومة الجنوبية.
وكشفت مصادر ذاتها، أن الحوثيين اغتنموا الهدايا التي تقدمها لهم العناصر الإخوانية بالحكومة الشرعية والذين سهلوا توافد اللاجئين الأفارقة إلى البلاد، وتشجيعهم على التوجه إلى محافظات الشمال ليقوموا باستقطاب العديد منهم، كمقاتلين وبراتب يصل إلى 100 دولار أميركي شهريا، حيث يتم تدريبهم على مختلف التخصصات العسكرية، من بينها “هندسة الألغام، المدفعية، القنص، الإنزال البحري والغوص، حفر خنادق وأنفاق حربية.
وكانت مصلحة خفر السواحل قد أكدت أن غالبية المهاجرين الأفارقة لا تنطبق عليهم شروط اللجوء كونهم قادمين من بلدان مستقرة وفي مقدمتها إثيوبيا، كما يزال الآلاف من الصوماليين يتوافدون إلى سواحل شبوة وعدن وعدد من السواحل الجنوبية بحُـجة النزوح، واستخدام اليمن ممرا للعبور إلى دول الخليج العربي بحثا عن العمل، وهناك من يخشى أن يتم توريطهم في عمليات جنائية أو إرهابية.