تجويع المدنيين.. نظام روما الذي لم يقرأه الحوثيون

السبت 4 مايو 2019 18:46:17
تجويع المدنيين.. نظام روما الذي لم يقرأه الحوثيون
"الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين باعتباره أسلوباً من أساليب الحرب يعد جريمة حرب في النزاعات المسلحة".. هذا النص الواضح والصريح الذي ورد في نظام روما الأساسي لم تعبأ به مليشيا الحوثي، وهو أمرٌ دأب عليه الانقلابيون.
مليشيا الحوثي اسقبلت شهر رمضان لهذا العام بإتباع سياسة تجويع المدنيين، عبر افتعال أزمات إنسانية مختلفة بمناطق سيطرتها، وذلك وسط اختفاء مفاجئ لمادتي البنزين والغاز المنزلي، بالإضافة إلى ارتفاع مهول لأسعار السلع الأساسية التي يتسابق الناس عليها قبيل حلول الشهر المبارك.
ومنذ بداية الحرب، كان الوقود والغاز المنزلي التجارة المربحة لقيادات مليشيا الحوثي بحسب صحيفة العين التي أوضحت أنّ ذلك يتم من خلال أسواق سوداء تبيع بمبالغ مضاعفة عن تلك المقررة في المناطق المحررة، وتفاقمت معاناة سكان هم في الأصل محرومون من مرتباتهم منذ ثلاث سنوات.
وبحسب سكان في صنعاء، فإنّ مادة البنزين اختفت بشكل مفاجئ للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع، ويتم بيع جالون الـ20 لتراً بـ14 ألف ريال يمني، أي بأكثر من الضعف عن السعر الموجود في عدن 6300 ريال.
وتسبَّب انعدام المشتقات في شلل الحياة بصنعاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية التي قفزت إلى الضعف جراء ارتفاع أجور النقل بين المحافظات.
لا تكتفي مليشيا الحوثي بتجويع اليمنيين وحرمانهم من الغذاء فحسب، بل تقوم بحرمانهم من المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية والأممية، وتمنع وصولها إلى المناطق المستهدفة.
وكانت الحكومة قد اتهمت مليشيا الحوثي، أمس الأول الخميس، باحتجاز عدد كبير من شحنات الغذاء والدواء والوقود، ومنع وصولها إلى المواطنين، داعية المنظمات الدولية لنقل مقراتها للعاصمة عدن.
وتحتجز مليشيا الحوثي في محافظة إب هذا العدد الضخم من شاحنات الغذاء والدواء منذ أكثر من شهر.
الحرب العبثية التي أشعلتها الميلشيات الانقلابية منذ صيف 2014، أغرقت ملايين الناس في أزمة إنسانية ربما لا يرى العالم مثلها ولا يراه حتى مستقبلاً، دون أن يتحرك ذلك العالم لانتشال الناس منذ هذا الوضع المروع المأساوي.
مليشيا الحوثي انتهجت سياسة الإذلال والتجويع بحق سكان المناطق الخاضعة لسيطرتها بهدف استخدام المدنيين كوسيلة ضغط لتقديم تنازلات سواء من الحكومة أو التحالف العربي ومنع أي انتفاضة شعبية في وجهها، ومع اقتراب شهر رمضان ونزع كل مبررات عدم تنفيذ اتفاق استوكهولم بشأن الانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة، ضاعفت المليشيات من معاناة سكان صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها، كما تمارس أنواعاً كثيرة من الابتزاز على النحو الذي يخدم مصالحها.
الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية العالمية تتعامل مع المليشيات بمنطق التغاضي، وبالتالي لا تتورع عن الخضوع لكثير من اشتراطاتها والتغاضي عن الابتزاز الذي يمارس معها أو مع العاملين معها، وهو ما جعل المليشيات أكثر تمسكاً بمبدأ جعل الملايين في مناطق سيطرتها وتجويعهم وإذلالهم أداة سهلة لابتزاز الداخل والخارج وتعطيل أي جهد لإحلال السلام بما يلبي رغباتها في تشريع الانقلاب والحفاظ على ما نهبه قادة المليشيات من العائدات.
كما ضاعفت مليشيا الحوثي الأزمة الإنسانية مؤخراً من خلال عرقلة إمدادات الغذاء إلى صنعاء والمحافظات المجاورة، فيما قالت صحيفة "البيان" إنّه مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، صعد الحوثيون من هجماتهم باتجاه خطوط إمداد تلك المحافظات بالسلع الأساسية، في مسعى لتعطيل وصول الغذاء ومفاقمة المأساة الإنسانية، تزامناً مع افتعال أزمات حادة في المشتقات النفطية بصنعاء والمدن الأخرى التي لا تزال خاضعة لسيطرة المليشيات المدعومة من إيران.
خبراء اقتصاديون وناشطون في مجال الإغاثة الإنسانية ربطوا بين تصعيد مليشيا الحوثي في محافظة الضالع، ورغبة الانقلابيين في مفاقمة الوضع الإنساني وزيادة معاناة المواطنين لأغراض سياسية، من خلال تعطيل حركة مرور شاحنات نقل الغذاء والوقود القادمة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة.