عبث الحوثي وحماقات الإخوان تُفخِّخ الأزمة الإنسانية
رأي المشهد العربي
قالت الأمم المتحدة إنّ "الأزمة الإنسانية في اليمن تفوق الوصف"، وقد كان هذا بمثابة الإنذار الأخير لانتشال ملايين اليمنيين الذين ينزفون ألماً ودماً، واستدعى ذلك تدخلاً حازماً حاسماً من قِبل مختلف الأطراف لتغيير هذا الوضع.
مليشيا الحوثي انتهجت سياسة الإذلال والتجويع بحق سكان المناطق الخاضعة لسيطرتها بهدف استخدام المدنيين كوسيلة ضغط لتقديم تنازلات ومنع أي انتفاضة شعبية في وجهها، ومع اقتراب شهر رمضان ونزع كل مبررات عدم تنفيذ اتفاق استوكهولم بشأن الانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة، ضاعفت المليشيات من معاناة سكان صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها، كما تمارس أنواعاً كثيرة من الابتزاز على النحو الذي يخدم مصالحها.
هذا جانبٌ من قائمة مطولة تعج بالجرائم الحوثية التي أنهكت اليمن، أخضره ويابسه، وباتت تهدّد مستقبله إلى حد بعيد.
من ناحية أخرى، تمثّل الخيانات الإخوانية المتمثلة في تسليم مناطق استراتيجية للحوثيين أحد الجوانب الرئيسية في تفخيخ الأزمة الإنسانية، وهي خيانات يقودها نائب الرئيس والقيادي الإخواني علي محسن الأحمر.
الجرائم الإخوانية لا تقتصر على تسليم المواقع العسكرية، بل إنّ فضائح فساد كشفت الوجه الحقيقة لهذه الجماعة الإرهابية، وقد كانت الأيام الأخيرة شاهدة على وقائع جديدة في هذا الصدد.
فقبل أيام، كشفت مصادر محلية في مديرية ميفعة أنّ أعضاءً بحزب الإصلاح يصادرون المواد الغذائية المقدمة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على بعضهم، كما يُفضِّلون بعض المواطنين عن غيرهم، ويكون هذا التفضيل بحكم الانتماء أو التقارب مع الجماعة الإرهابية.
تلاعب الإخوان بمواد الإغاثة السعودية تزامن الكشف عنها مع فضيحة كشفتها وثيقة بتاريخ 12 مارس الماضي، أظهرت صرف البنك المركزي نحو مليار ريال تحت بند "معركة تحرير تعز"، فيما ذهب المبلغ كاملاً للقيادي الإخواني محمد مهيوب مقبل قائد شرطة النجدة في محافظة تعز.
مصدر مطلع قال إنّ "القيادة العسكرية لمحور تعز استلمت من الحكومة مبلغًا يقدر بثلاثة مليارات ريال يمني سُلمت وفق ثلاثة شيكات، أحدها شيك مصور باسم قائد النجدة، وبلغ 822 مليونًا و66 ألفًا و660 ريالًا، تحت زعم استكمال معارك تحرير مديريات الحوبان شمال شرق محافظة تعز، في وقتٍ يطبق فيه حزب الإصلاح قاعدة تصفية الخصوم متجاهلاً مواجهة المليشيات الحوثية.
"محمد مهيوب مقبل" نفسه محاط بالكثير من الجرائم على أصعدة مختلفة، فمن المعروف عن هذا القيادي الإخواني أنّه تاجر سلاح انخرط في صفقات مع المليشيات الحوثية، وكان قد ألقي القبض على ولده بينما كان يقود سيارة نقل صغير محملة بالسلاح قبل أشهر في التربة وهي متوجهة إلى الحوثيين من اللواء الخامس حرس رئاسي.
كل هذا يكشف مدى انخراط الحوثيين والإخوان في تحالف شرير يستهدف على ما يبدو إنهاك الجيش والتحالف العربي لأطول فترة ممكنة، لتحقيق مصالحهم سياسياً وعسكرياً، وهذا المخطط قائم في المقام الأول على إطالة أمد الأزمة لأكبر مدى ممكن.
الشاهد من ذلك أنّ المرحلة المقبلة تتطلب تغييراً جذرياً سواء في التعامل الدولي مع المليشيات الحوثية وتسميتها كطرف معرقل لأي خطوة نحو السلام، ولا أدل على ذلك من موقف الحوثيين من اتفاق السويد وعديد الخروقات التي تخطّت الثلاثة آلاف جريمة.