قراءة في لقاء جريفيث والحوثي.. مبعوثٌ في خدمة المليشيات
قبل عشرة أيام من انتهاء المهلة المقررة لتنفيذ خطة الحديدة، حطّت طائرة المبعوث الأممي مارتن جريفيث بصنعاء، في زيارةٍ استغرقت من الأيام واحداً، ومن الأهداف ربما ما هو أكثر.
ففي الوقت الذي حاول فيه جريفيث إظهار زيارته على أنّها محاولة لإنعاش اتفاق الحديدة، إلا أنّ مصادر مطلعة بيّنت أنّ هدف الزيارة مغاير تماماً لما هو معلن، وأنّ عنوانها هو تنفيس الأزمة التي يعيشها الحوثيون.
وكان المبعوث الأممي قد التقى زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، وفقاً للناطق الرسمي باسم الحوثيين المدعو محمد عبدالسلام الذي قال في تغريدات على تويتر إن اللقاء تطرق إلى آخر المستجدات بخصوص مسار اتفاق السويد خاصة الحديدة.
واستبق عبدالسلام المواقف المرتقبة لواشنطن ولندن في اجتماع مجلس الأمن القادم حول اليمن بتجديد الهجوم على الدولتين الفاعلتين في الملف اليمني، واتهامهما بتوفير ما وصفه الناطق الرسمي باسم الحوثيين، الغطاء الدولي للتحالف العربي.
المصادر قالت في تصريحات لصحيفة "العرب" الدولية، إنَّ الزيارة تأتي في سياق تمتين العلاقة بين المبعوث الأممي والقيادات الحوثية التي باتت تنظر إليه كقناة لإيصال مطالبها إلى الأمم المتحدة بدل أن يكون دوره إلزام الانقلابيين بتنفيذ ما يطلب منهم لوقف المعارك في مدينة الحديدة الاستراتيجية.
المصادر أوضحت أنّ الحوثيين طالبوا جريفيث بالضغط على التحالف العربي للسماح لهم ببيع النفط الخام في الناقلة صافر الراسية في ميناء رأس عيسى منذ اندلاع الحرب في مارس 2015، إضافة إلى إثارة الملفات المهملة والمثيرة للجدل مثل فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الدولية، وتوفير مرتبات موظفي الدولة في صنعاء.
المعطيات على الأرض تشير إلى أنّ تحركات جريفيث تسير في اتجاه واحد وهو الرضوخ لابتزازات الميليشيات الحوثية دون القدرة على انتزاع أي تنازل منها لصالح عملية السلام أو تنفيذ اتفاق السويد وتحديداً الجزء الخاص بخطة إعادة الانتشار في الحديدة التي تعثر تنفيذها بالرغم من التعديلات المتكررة التي أدخلتها الأمم المتحدة ورئيس فريق المراقبين الأمميين في الحديدة مايكل لوليسجارد على الخطة تنفيذاً لذرائع المليشيات الحوثية.
وتراجع هامش الطموح والتفاؤل الذي يروج له مارتن جريفيث إلى الحد الذي باتت معظم جهود الأمم المتحدة تصب في اتجاه إقناع الحوثيين بالسماح لفريق من برنامج الأغذية العالمي بالوصول إلى صوامع الغلال في مطاحن البحر الأحمر حيث يخزن البرنامج كميات هائلة من القمح.
ارتكب الحوثيون أكثر من 3 آلاف خرق لإطلاق النار منذ توقيع اتفاق السويد في ديسمبر الماضي، وهو يكشف أنّ المليشيات لا تعير أي اهتمام للنداءات والإدانات الدولية، وآخرها لقاء المجموعة الرباعية بشأن اليمن الذي عُقِد في لندن، والذي دعا إلى ضرورة البدء بتنفيذ اتفاق الحديدة قبيل الخامس عشر من مايو المقبل، الذي يوافق انعقاد الجلسة المقبلة بشأن اليمن في مجلس الأمن.
في هذا اللقاء، أدانت اللجنة الرباعية كل تصرفات مليشيا الحوثي واعتبرتها ليست فقط معوقة لاتفاق استوكهولم، بل تشكل تهديداً للأمن الإقليمي وتطيل أمد النزاع، وذلك في الوقت الذي أغلقت المليشيات الانقلابية الطريق أمام تنفيذ اتفاق السويد برفضها تنفيذ الورقة التنفيذية للاتفاق بشأن الانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة، ورفضت مناقشة هوية قوات الأمن والشرطة التي ستتسلم المدينة وموانئها الثلاثة.
كل هذه التصرفات والخروقات من جانب مليشيا الحوثي الإيرانية، تضع اتفاق استوكهولم والجهود الدولية في اليمن في مهب الريح، وتؤكد أن المليشيات ومن ورائها إيران لا تريد السلام في اليمن، ولا تأبه بمعاناة المدنيين المأساوية، وأنها أخذت فرصة كبيرة من الوقت منذ توقيع الاتفاق لتجميع قواها والعودة للحرب من جديد، وهذا كان هدفها وليس السلام في اليمن.