الإصلاح يختبئ وراء الشائعات لغض الطرف عن خيانات عناصره
رأي المشهد العربي
إذا أردنا أن نضع توصيفا دقيقا لطريقة نفوذ تنظيم الإخوان في بعض البلدان العربية، فلن نجد سوى القول بأنه "يتنفس على الشائعات"، وهو أمر يطبقه في جميع المناطق التي يتواجد بها ارتكانا على آلة إعلامية تجيد نشر هذه الشائعات بطريقة محترفة ما يؤدي إلى وصول الرسالة بشكل أو بآخر بما يكون له مردود مرضي بالنسبة للجماعة الإرهابية في العديد من البلدان.
هذه الإستراتيجية تحاول مليشيا الإصلاح والأطراف المحسوبة عليها تطبيقها في الوقت الحالي بشكل مكثف داخل اليمن، إذ أن الأسبوع الماضي فقط، كان شاهدا على ترويج أطراف حكومية محسوبة على الإصلاح لشائعات عدة تستهدف دول التحالف العربي وبالتحديد دولة الإمارات العربية المتحدة، في محاولة لغض الطرف عن الخيانات المتتالية لعناصر الإصلاح والتي سمحت بسيطرة الحوثي على مناطق واسعة بالشمال.
ودائما ما تخرج الشائعات على لسان قيادات حكومية تظهر بشكل علني أو تحت ستار المصادر المجهولة، وتستهدف بشكل أساسي دولة الإمارات العربية المتحدة ليس فقط لإفشال أدوارها باليمن، ولكن الأخطر تخريب علاقة التحالف العربي بالمواطنين اليمنيين الذين ينظرون إلى دول التحالف على أنها المخلص من الانقلاب الحوثي في ظل ضعف الشرعية وخيانة بعض أطرافها.
ويوم السبت الماضي، خرج أحمد الميسري وزير الداخلية في حكومة الشرعية، والمقرب من الرئيس عبدربه هادي منصور، بتصريحات تخدم مليشيا الحوثي بشكل مباشر، بعد أن دعا إلى ما أسماه بضرورة تصحيح العلاقة بين الحكومة اليمنية ودول التحالف العربي، وزعم أن "الشراكة مع دول التحالف العربي جاءت في إطار الحرب ضد الإنقلابيين الحوثيين، ولم تكن شراكة في إدارة المحافظات المحررة".
وبعدها بأيام خرجت تسريبات إخوانية أخرى على لسان مصادر مجهولة بحكومة الشرعية زعمت "إرسال دولة الإمارات أكثر من 100 جندي إلى جزيرة سقطرى من دون تنسيق مع الحكومة"، وهو أمر سارع وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش بنفيه سريعا ووصف ما جاء بها "بالأخبار الكاذبة".
ودائما ما تتخفى العناصر التابعة لمليشيا الإصلاح خلف المصادر المجهولة لتوجيه سهامها إلى دول التحالف العربي، تحديدا وأن وسائل الإعلام التي تنقل تلك الأخبار لم تفصح عن ماهية هذه المصادر ودرجة أهميتها أو تخويلها بالتصريح في قضايا شديدة الحساسية تتعلق بالشراكة بين الحكومة والتحالف، الأمر الذي يبرهن على عدم صحة هذه الأخبار التي دائما ما تخرج بتمويل قطري للعديد من وسائل الإعلام التي تخترقها بأموالها.
ويذهب مراقبون للتأكيد على أن التصعيد الإعلامي للأطراف المحسوبة على الإخوان في الشرعية هدفه الأساسي التغطية على تخاذلها الظاهر في العديد من المناطق، تحديدا بعد أن أصبح الاختراق القطري التركي للحكومة ظاهرا للعيان وهو ما أدركته جيدا أيضا المملكة العربية السعودية التي ضاقت ذرعا بالخيانات المتتالية للإصلاح، والذي أضحى موجودا في خانة الحوثيين بشكل علني.
وبحسب ما نشرته صحيفة "العرب" اللندنية، فإن الرياض تمتلك أدلة قوية على وجود تهاون مقصود من قوات محسوبة على الحكومة، التي يهيمن عليها إخوان اليمن، ما فتح الباب أمام المتمردين الحوثيين لاستعادة عدة مواقع، وأن المملكة تتجه بشكل جدي لإعادة ترتيب العلاقة مع المكونات المحسوبة على جبهة الشرعية.
ويحاول تنظيم الإخوان ومن خلفه قطر الانتقال من مربع الهجوم المتوقع من دول التحالف نتيجة لتخاذلهم إلى الذهاب بعيدا باتجاه توجيه أسهم الانتقاد إلى دولة الإمارات، وبالتالي الانتقال من الدفاع إلى الهجوم عبر سلاح الشائعات، في محاولة لإرباك الأوضاع أكثر وأكثر .
كما أن الإصلاح يهدف من وراء تلك الشائعات إلى ضرب غاية المساعدات التي تقدمها دولة الإمارات للمواطنين المحتاجين في مناطق متفرقة والتي بلغت خلال العاميين الماضيين مليارات الدولارات، ومحاولة توظيف هذه المساعدات لصالح ما تروج له، في حين أن كلا من الإمارات والسعودية لم يتوقفا عن تقديم الدعم للشعب اليمني في جميع المناطق.
خطة الإصلاح الجهنمية ترتبط بصراع إقليمي بطله تركيا وإيران في مواجهة دول التحالف العربي، وهو ما يتطلب معه تحرك سريع من دول التحالف لاستئصال هذا الورم من حكومة الشرعية، ويجب أن لا يقتصر هذا الاستئصال على الإخوان وحدهم ولكن لابد أن يمتد إلى جميع الوجوه الفاشلة التي تسببت في إطالة أمد الحرب حتى وقتنا هذا.