جرائم في الشهر الفضيل.. المليشيات تسرق الأموال والمقاتلين من موائد رمضان
قضت مليشيا الحوثي الانقلابية على أجواء وروحانيات شهر رمضان الكريم، من خلال سلسلة من الانتهاكات والجرائم التي تجهض الحق في الحياة.
أحد أحدث الانتهاكات الحوثية تمثَّلت في استهداف "موائد رمضان" والجمعيات الخيرية التي توزِّع مساعدات للمحتاجين، فبينما اعتاد التجار والجمعيات الخيرية على الاحتفاء برمضان في صنعاء وفتح موائد للإفطار في المساجد والأحياء وتوزيع وجبات غذائية يومية وتقديم سلال غذائية أو مساعدات نقدية، إلا أنّ ناشطين كشفوا لصحيفة الشرق الأوسط، أنّ المليشيات شددت هذا العام مع قدوم رمضان على الجمعيات والتجار ومارست عليهم الابتزاز، وفرضت عليهم أماكن معينة للتبرعات وطالبتهم بمبالغ مالية لأتباعها أو للمجهود الحربي مقابل السماح لهم بالتوزيع وإقامة موائد الإفطار أو إقامة المطابخ الخيرية.
مسؤول محلي كشف أنّ مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل الذي تتحكم به مليشيا الحوثي أوقف أكثر من 30 جمعية في أمانة صنعاء لأنَّها رفضت اجتزاء 30% من التبرعات للمجهود الحربي.
وأنشأ الحوثيون، بحسب الناشطين، جمعيات تابعة لهم في بعض المناطق التي أغلقت فيها الجمعيات في محاولة للسيطرة على قنوات المتبرعين واستقطاب الشباب تحت العمل الطوعي والزج بهم إلى الجبهات.
وسمح مكتب الشؤون الاجتماعية بصنعاء الخاضع لسيطرة الانقلابيين لعددٍ محدودٍ من الجمعيات التي تتبع مليشيا الحوثي أو للمقربين من قادتها أو المتواطئين معها على نهب تبرعات التجار وفاعلي الخير، حيث تقوم هذه الجمعيات بتقديم المعونات على أنّها مقدمةٌ من زعيم المليشيات أو من قبل هيئة الزكاة التابعة لها في مسعى لتحسين صورة الحوثيين واستغلال الدعم لاستقطاب السكان.
وأعرب ناشطون وحقوقيون عن استيائهم من تصرُّفات الحوثيين الرعناء والتي لا تراعي الجانب الإنساني، معتبرين أنّ مضايقة المليشيات للجمعيات وفاعلي الخير تتنافى مع روح الشهر الكريم وغايته وهو التكافل والتراحم.
جاء رمضان هذا العام في ظل معاناة للمواطنين من فقر شديد وسوء تغذية واجتياح للأوبئة وانتهازية حوثية تقضي على الأخضر واليابس؛ جرَّاء الحرب التي أشعلتها المليشيات في صيف 2014، مكبدةً المدنيين تكلفة باهظة لأزمة إنسانية غير مسبوقة.
أحد فاعلي الخير في صنعاء يقول إنّه اعتاد إقامة مائدة يومية في رمضان، ويضيف: "تمكننا من توفير بعض المتطلبات البسيطة التي تحتاجها الأسر في رمضان وتغطي حاجة 350 أسرة لكنا تفاجأنا بعد أن وزعنا الطعام في اليوم الأول من رمضان بمشرف الحوثيين في الحي يطلب حصة من الكميات الموزعة يومياً دعماً للمجهود الحربي".
ويضيف: "عندما رفضنا أجبرنا المشرف بمسلحيه على التوقف وصادروا ما كان لدينا في المخزن من مواد غذائية".
واتهم المليشيات الحوثية بالتسبُّب في انخفاض التبرعات من سيطرة الجماعة على صنعاء، قائلًا : "لقد قوَّضت مليشيا الحوثي عمل الخير وأحكمت السيطرة على المتبرعين من خلال مرتزقتها الذين يرفعون لها تقارير عن أي متبرع ليتم استدعاؤه وإجباره على التبرع للجماعة وأنشطتها وأتباعها".
ويعاني سكان صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات من أوضاع إنسانية صعبة، ومع حلول شهر رمضان المبارك تزداد الأوضاع سوءاً مع وجود أزمة الوقود وانعدام التيار الكهربائي وانقطاع المرتبات فضلاً عن شحة الدعم المادي وعدم توفر المواد الغذائية وانقطاع المياه الصالحة للشرب، وانتشار الأوبئة والأمراض، مما يفاقم من معاناتهم التي لا يخففها سوى تبرعات بعض المحسنين.