المليشيات وقصف المطاحن.. انتهاكات حوثية برخصة دولية
عادت الأمم المتحدة إلى "صيغة الإدانة" في تعاملها مع انتهاكات وجرائم مليشيا الحوثي الانقلابية، دون أن تنتقل إلى المرحلة التالية وربما الأهم، وهي الحساب الصارم.
برنامج الغذاء العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة أدان تعرُّض مخازن الحبوب والمطاحن التي يديرها قرب مدينة الحديدة إلى إطلاق نار من قبل المليشيات الحوثية من إيران أمس الأول الخميس.
المتحدث آرفيه فيرهوسل استنكر الهجمات على مخازن الغذاء والمساعدات الإنسانية في الوقت الذي يعاني فيه ملايين اليمنيين من نقص حاد في الغذاء، لافتاً إلى أنّ البرنامج سيرسل المزيد من الفرق التقنية والإمدادات إلى مطاحن البحر الأحمر، داعياً إلى إتاحة الوصول الآمن لتلك المطاحن.
وأوضح أنّ تقييماً أجراه فريق البرنامج في آخر فبراير الماضي، أكّد أنّ 70% من القمح المخزون ما زال يصلح للاستهلاك بعد غربلته.
في الوقت نفسه، كشف مصدر مطلع أنّ وفد الحكومة سيطالب خلال الاجتماع مع الجنرال الدنماركي مايكل لوليسجارد رئيس لجنة المراقبين الأمميين لإعادة تنسيق الانتشار في الحديدة، بالتحرُّك لوقف تجاوزات وخروقات المليشيات الانقلابية، ووقف استهدافها لصوامع الدقيق في مطاحن البحر الأحمر في محافظة الحديدة، فيما طالب وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة، المجتمع الدولي، بالتدخل العاجل لمواجهة هذه الجرائم الإرهابية.
وقال الدكتور الحسن الطاهر محافظ الحديدة، لصحيفة الشرق الأوسط، إنّ هناك أضراراً بالغة نتجت عن استهداف المليشيات الانقلابية لعدد من الخزانات الحافظة للحبوب في مطاحن البحر الأحمر، مشدداً على أنّ المليشيات، ومنذ إعلان الهدنة لتنفيذ اتفاق استوكهولم، وهي تقوم بأعمال إجرامية بحق الشعب من عمليات اعتقال وقتل، إلى استهداف إحدى مناطق تخزين الحبوب، وهذا يؤكد أنها لا تسعى لعملية سلمية لإنهاء هذه الأوضاع التي تستفيد منها.
وأوضح أنّ الوفد، خلال لقائه المرتقب في الأيام القليلة المقبلة، سيناقش مع الجنرال مايكل لوليسجارد، جملة من الموضوعات، في مقدمتها العملية الإجرامية باستهداف مطاحن البحر الأحمر، وما نتج عنها من أضرار، ومطالبته بضرورة التحرك والضغط على هذه الجماعة لوقف خروقاتها.
ويمكن القول إنّ الأمم المتحدة عادت إلى مهمتها المعتادة، فبعدما تخلّص العالم من إعراب أمينها العام السابق بان كي مون عن قلقه إزاء أي حادثة شرق الدنيا أو غربها، شمالها أو جنوبها، بات دورها على ما يبدو يتخلّص في إصدار إحصاءات عن ضحايا الحرب في اليمن، دون أن تتحرّك جدياً بالنحو الذي يأمله اليمنيون الذين تكبَّدوا أعباءً فادحة جرّاء الحرب الحوثية.
ولم تتدخّل الأمم المتحدة إزاء جريمة حديثة كُشف النقاب عنها مؤخراً، تتعلق بإتلاف كميات كبيرة من مخزون القمح في مطاحن البحر الأحمر إذا لم يتم الإسراع بطحنها وتوزيعها، حيث كانت تقوم المليشيات بمنع الوصول إليها.
برنامج الأغذية العالمي قال إن فريقاً فنياً تابعاً للبرنامج وصل إلى المطاحن للبدء في تنظيف المعدات وصيانتها استعداداً لطحن القمح، إذ إن الأولوية هي البدء في تنظيف معدات الطحن وصيانتها وتعقيم القمح وهي المهمة التي يتوقع أن تستغرق بضعة أسابيع قبل البدء في طحن القمح وتوزيعه على المناطق الأكثر احتياجاً.
وقيَّم خبراءٌ من الأمم المتحدة سمح لهم بدخول المطاحن لفترة وجيزة للمرة الأولى في فبراير الماضي أنَّ نحو 70% من كمية القمح يمكن إنقاذه، لكن هذا التقييم تراجع الآن حيث يؤكد برنامج الغذاء العالمي أن إنتاجية الطحين ستكون أقل من المعتاد بسبب تفشي السوس في القمح، ويخشى أن يتم إتلاف بقية الكمية إذا لم يتم الإسراع بطحنها وتوزيعها خاصة مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة.
وفد برنامج الغذاء العالمي رصد كذلك آلاف العبوات الناسفة والألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي في مطاحن البحر الأحمر وأدت إلى تأخر استئناف عملياته الإنسانية، وذلك بهدف إعادة تشغيل المنشأة التي تحتوي على أطنان من الدقيق بمحافظة الحديدة غربي اليمن.
وقد كشف قائد الفرق الهندسية لنزع ومكافحة الألغام العميد ركن عبدالسلام المحرمي، للمسؤولين الأمميين، أنّه تم انتزاع وتفكيك آلاف العبوات والألغام في محيط 600 متر، وذلك في إرهاب حوثي ممنهج كان يستهدف تعطيل إعادة تشغيل مطاحن البحر الأحمر.
وبينما تدرك الأمم المتحدة حقيقة الجرائم الحوثية وحجم تورّطها اللا محدود في تكبيد المدنيين أعباءً فادحة، إلا أنّها في الوقت نفسه يبدو أنّها ترفض تسمية هذا الطرف الدموي والمعرقل لاتفاق السويد، ويبدو أنّ الغرض من ذلك هو سعي الأمم المتحدة لإحداث حالة سلام، حتى وإن كانت هذه الحالة غير جادة وبلا أي محتوى.