أذرع الإصلاح بالشرعية.. خسائر بالجبهات وفساد إداري لا ينتهي
كشفت الأيام والأشهر عن مدى الضعف الذي أصاب جزء كبير من الشرعية والذي تسيطر عليه قيادات تابعة لحزب الإصلاح، بعد أن فقدت قوات الجيش سيطرتها على أكثر من منطقة إستراتيجية كانت تتواجد فيها، بالإضافة إلى أنها أضحت خارج المعادلة العسكرية القائمة الآن في الضالع والحديدة، وكذلك فإن التحالف السياسي الذي دشنته خرج ميتا، وذلك في الوقت الذي استمرت فيه الأذرع في ممارسة الفساد بلا هوادة من خلال توليها مناصب حكومية.
ويبدو من الواضح أن تلك الأذرع التي لا تتوقف عن الفساد أكتفت بما تحققه من مكاسب وأموال من فسادها، في حين قررت أن تنسحب من المعركة العسكرية، معولة على سيطرتها الإدارية غير أن هذا الوضع لن يستمر طويلا في ظل تفشي هذا الفساد الذي أصبح غير مرحب باستمراره من اليمنيين أولا ودول التحالف العربي ثانيا.
ومؤخرا، قال مصدر مسؤول في الشرعية إن لجنة سعودية تم تشكيلها خلال الأسابيع الماضية لبحث الإخفاقات في بعض الجبهات، توصلت إلى نتائج كارثية، تضمنت اكتشاف أكبرعملية فساد عسكري أظهرت تسجيل 120 ألف جندي وهمي في محافظة مأرب اليمنية وحدها، وهي الاتهامات التي توجه بشكل مباشر إلى علي محسن الأحمر القيادي التابع للإصلاح ونائب الرئيس هادي.
وبحسب مصادر إعلامية عدة، أوضح المصدر أن ”عددًا من القادة كانوا يقومون بتسجيل أعداد وهمية من الجنود ويتم صرف مرتبات ومؤن لهم في الوقت الذي لا توجد فيه تلك الأعداد من الأصل وعند حدوث هجوم من جانب الحوثيين يجدون الجبهات فارغة ويحرزون تقدمًا سهلاً كما حدث بمديرية صرواح بمأرب والتي تم تحريرها، ثم عاود الحوثيون السيطرة على معظمها نتيجة الفساد العسكري“.
ولفت إلى أن هذا ”هو السبب الرئيسي، الذي دائما ما يؤخر عملية الحسم لذا على السعودية مراجعة الحسابات ومحاكمة القيادات العسكرية الفاسدة الذين حولوا الحرب إلى استثمارات وتجارة خاصة بهم وإقالتهم فورا“.
وشملت الاتهامات بالفساد مجالات وصلت حتى علاج الجرحى والمصابين، فقبل أشهر جرى تداول وثيقة صادرة عن مكتب رئيس الاستخبارات العامة في السعودية كشفت ”عمولات وسمسرة وجباية أموال من الجرحى والمصابين اليمنيين، بالإضافة إلى معاملات مناطقية مع الجرحى، حيث يتم فرزهم بحسب مناطقهم، ومع ذلك تتم المتاجرة بالجميع”.
فيما كشفت وثيقة متداولة صرف البنك المركزي اليمني نحو مليار ريال يمني في تاريخ الـ 12 من مارس الماضي تحت بند ”معركة تحرير تعز”، وأن المبلغ كاملًا تم تسليمه للعقيد محمد مهيوب مقبل، قائد شرطة النجدة في محافظة تعز.
وأكد مصدر مطلع في تعز صحة الوثيقة قائلًا: ”إن القيادة العسكرية لمحور تعز استلمت من حكومة الشرعية اليمنية مبلغًا يقدر بـ 3 مليارات ريال يمني سُلمت وفق 3 شيكات، أحدها الشيك المصور باسم قائد النجدة، وبلغ ثمانمئة واثنين وعشرين مليونًا وستة وستين ألفًا وستمئة وستين ريالًا يمنيًّا، بهدف استكمال معارك تحرير مديريات الحوبان شمال شرق محافظة تعز“.
يأتي ذلك في وقت يطبق فيه حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين في اليمن قاعدة تصفية الخصوم داخل معسكر الشرعية مع تجاهل مواجهة الميليشيات الحوثية.
ويقول محللون إن محافظة تعز تظهر حالة الحياد السياسي والعسكري بين الميليشيات الحوثية والإخوانية، وعلى طبيعة الفساد العسكري والإداري الذي يعتري مفاصل السلطة المحلية والجيش الوطني في محافظة تعز بعد أن سيطر عليها حزب الإصلاح.
ورغم مضي شهر ونصف الشهر على إقرار خطة تحرير تعز فإن شيئًا منها لم ينفذ حتى الآن، وحسب مصادر عسكرية، فإن خطة التحرير كانت تقضي بانطلاق العمليات بداية شهر أبريل الماضي، وعلى هذا الأساس تم توزيع مبلغ مليار ونصف المليار ريال يمني على قيادات الألوية ”22 ميكا، 17 مشاة، 170 دفاع جوي، واللواء الخامس حرس رئاسي، و الرابع مشاة جبلي“، للبدء بالمعركة المؤجلة .
وتضيف المصادر أنه تم استثناء اللواء 35 مدرع من المعركة ومصروفاتها؛ لأن قيادته العسكرية مستقلة وتوالي الرئيس هادي مباشرة ولا تمتثل لمخططات الحزب.
وكان محافظ تعز الدكتور نبيل شمسان عقد في الـ 19 من مارس الماضي أول اجتماعاته الموسعة بأعضاء اللجنة الأمنية في المحافظة والمكونة من القيادات الأمنية والعسكرية، بعد عودته من المملكة العربية السعودية محملًا بخطط وترتيبات الاستعداد لمعركة استكمال تحرير تعز.
وأقرَّ شمسان القيام بتثبيت الوضع الأمني وتطبيع الأوضاع كأولوية وذلك عبر حملة أمنية من الأجهزة الأمنية كمرحلة أولى يليها نقل المعسكرات إلى خارج المدينة في الجبهات والتهيئة لتحرير المحافظة.
غير أن طموح حزب الإصلاح الاستحواذي على السلطة السياسية والعسكرية والأمنية وبسط نفوذه على كل المحافظة، حسب مراقبين، دفع به إلى إعادة ترتيب الأولويات مقدمًا معاركه الحزبية ضد حلفاء معارك التحرير مثل: كتائب ابوالعباس السلفية في مدينة تعز.
وقالت مصادر، إن الحزب عمل على تجميد المواجهة العسكرية مع الميليشيات الانقلابية في المحافظة، ووجه فائض القوة ومصادر التمويل نحو استكمال تصفية ملعب الشرعية من أي وجود عسكري مستقل يتبع قرار الرئاسة اليمنية والتحالف العربي، ولا يمتثل لقرار تنظيم الإخوان المسلمين.
وقال مصدر مطلع إن قيادة محور تعز العسكرية أبلغت الحكومة الشرعية أنها ستخصص مبلغ نصف مليار ريال يمني من إجمالي ثلاثة مليارات كمصروفات للحملة الأمنية التي تحولت إلى معارك استحواذ وتطهير سياسي ضد الخصوم وجرائم بحق المدنيين في مدينة تعز القديمة، والتي أسفرت في الـ26 من أبريل عن اتفاق خروج وانسحاب كتائب أبي العباس إلى جبهات الكدحة غرب المحافظة.