في ظل التصعيد الأمريكي ضد إيران.. هل يتغير الموقف الدولي من الحوثيين؟
رأي المشهد العربي:
تقترب البارجة الأمريكية “أبراهام لينكولن” من سواحل إيران، وعلى متنها طائرات”F-16”، بعد أن شقت مياه قناة السويس ووصلت إلى مياه الخليج، في تصعيد عسكري أمريكي هو الأكبر ضد طهران منذ سنوات طويلة، ما سينعكس بشكل أساسي على دول المنطقة وعلى رأسهم اليمن التي يتواجد فيها مليشيا الحوثي أحد أذرع إيران بالمنطقة.
يقول مراقبون، أن الجيش الأمريكي دفع بهذه التعزيزات بناء على معلومات استخباراتية تفيد بأن طهران قد تحرض “خلاياها النائمة” لضرب المصالح الأمريكية في المنطقة، ونقلت شبكة “NBC” عن ثلاثة مسؤولين أمنيين أمريكيين أن لدى واشنطن معلومات تفيد بأن طهران أعطت ضوءًا أخضر للمجموعات المسلحة التي تدعمها بشن هجمات على الجنود والمصالح الأمريكية في المنطقة.
وهو ما جعل القوات الأمريكية، في الأسابيع الأخيرة، تكثف من جهودها في المراقبة عن كثب لاحتمال تعرضها لهجمات صاروخية من الممكن أن تنفذها السفن الإيرانية الصغيرة في مضيق هرمز، أو هجمات في الأراضي العراقية تشنها الميليشيات المدعومة من إيران، أو هجمات ضد السفن الأمريكية من قبل الحوثيين في اليمن.
التصعيد الأمريكي، يأتي قبل أيام من انعقاد جلسة الأمن الخاصة بشأن اليمن، وكذلك فإنه يأتي أيضا قبل انتهاء مهلة الـ 10 أيام التي حددتها اللجنة الرباعية الدولية بشأن اليمن وتضم ( وزراء خارجية بريطانيا والسعودية والإمارات وممثلا عن الخارجية الأمريكية)، والتي ستنعقد غدًا الأربعاء، والتي من المتوقع أن تفرض عقوبات على العناصر الانقلابية حال عدم تنفيذ انسحابها من موانئ الحديدة.
وفقا للمعطيات الأمريكية، فإن هناك رغبة أكيدة وواضحة في التعامل مع جرائم إيران بالمنطقة ولكن الأمر ذاته غير واضحا حتى الآن بالنسبة للتعامل مع أذرعها تحديدا مليشيا الحوثي باليمن، لأن الولايات المتحدة كانت من ضمن الداعين لوقف العمليات العسكرية التي كانت تخوضها ألوية العمالقة ضد مليشيات الحوثي قبل اتفاق السويد، وهذا الاتفاق تحديدا يعد أحد أسباب تقوية شوكة الحوثي بالحديدة وبالقرب من سواحل البحر الأحمر حتى الآن.
ما يحسم الموقف الدولي تجاه الحوثيين يرتبط بالرغبة الأمريكية في التعامل الجاد مع مليشيا الحوثي من عدمه، ويبدو من الواضح أن وجود الولايات المتحدة بثقلها العسكرية بالقرب من السواحل الإيرانية لابد أن يصاحبه تأمينا لهذا التواجد من خلال مواجهة أذرع إيران بالمنطقة أيضا، تحديدا وأن تلك التحركات جاءت بناء على معلومات استخباراتية بتحريك إيران لأذرعها للضرر بالمصالح الأمريكية بالمنطقة.
التصعيد المتوقع من قبل الولايات المتحدة ضد مليشيا الحوثي داخل جلسة مجلس الأمن سيكون بحاجة إلى توافق روسي وأوروبي على الموقف ذاته، وهذا مستبعد في وقت لم تصل الأزمة ما بين الولايات المتحدة وإيران إلى نقطة اللاعودة، وقد يكون الانسحاب الوهمي أحد مناورات المليشيات الإيرانية لكسب المجتمع الدولي في صفها، والتأكيد على جديتها في السلام بما ينعكس بالتالي على موقف الأعضاء داخل مجلس الأمن.
كما أن مراوغات الحوثي بالحديدة تشي بأن هناك تعليمات إيرانية بالرجوع خطوة إلى الخلف لحين انتهاء جلسة الأمن وبعدها تعود الأمور كما كانت عليها من قبل، وهذا التفسير يعد منطقيا لأن إيران عهدت خلال السنوات الماضية على توظيف أذرعها وحشدها نحو الانتحار والتصعيد في وقت الأزمات الكبرى التي تعانيها بما يجعلها رقما في محاولاتها للالتفاف على المجتمع الدولي بما يؤمن مصالحها السياسية والعسكرية.
الخلاصة هنا أن أي تغيير في الموقف الدولي لابد أن يكون مرتبطا برغبة أمريكية لحشد أكبر قدر من القوى الدولية لتأييد تحركاتها تجاه إيران وبالتالي مواجهة أذرعها، لكن في الوقت ذاته هذا غير كافيا لتغيير موقف البلدان الأوروبية من المليشيا الانقلابية وطهران، وفي كل الأحوال فإن مليشيا الحوثي ستظل رقما في المعادلة العسكرية والسياسية ما بين الولايات المتحدة وإيران.