طماشة فوق برميل بارود

شكلت الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثي على خط إنبوب النفط السعودي الممتد من المنطقة الشرقية حتى ميناء ينبع على البحر الأحمر، شكلت مفاجأة كبيرة في مسار الحرب الدائرة في اليمن والتي دخلت عامها الخامس منذ أسابيع، ويمثل عنصر المفاجأة أن الحوثيين سيروا طائراتهم في عمق الأراضي السعودية عابرين مئات الكيلو مترات مع دقة فائقة في تحديد الأهداف وإصابتها.
نحن نتحدث عن هجمات إيرانية نفذتها إيران عبر وكلائها في اليمن ضد أمريكا (كما يعتقدون) عبر أكبر أصدقائها في المنطقة. 
وهنا يمكن القول أنه بغض النظر عن ضآلة الأضرار التي ألحقتها الهجمات بالمصالح السعودية والذي يجعلها تشبه فقاعة نارية فوق برميل بارود، فإنها مثلت مكسباً معنويا للحوثيين وموكليهم أكثر منه نصرا ماديا وسياسيا فالهجمات يمكن أن تتم باستخدام كيلوجرامات محدودة من المتفجرات، لكن عندما يكون الهدف محطة ضخ أو خط نقل نفط فإن هذه الكمية الضئيلة من المتفجرات ستشعل حرائق واسعة تتوقف السيطرة عليها على مدى الاستعدادات والتجهيزات المسبقة المتصلة بشروط الأمان والتحكم .
العنصر الأساسي في هذه الهجمات ليس الخسائر التي ألحقتها بالمصالح السعودية لأن تلك الخسائر لا تكاد تذكر، لكنه يكمن في الرسائل التي أراد وكلاء إيران توجيهها للخارج المؤيد لهم والمختلف معهم، فقد أرادوا أن يؤكدوا أنهم أداة قوية بيد إيران وأن شأنا كبيرا سيكون لهم فيما لو تعرضت إيران لأي مواجهة عسكرية مع القوات الأمريكية المحتشدة هذه الأيام في مياه البحار والخلجان القريبة من إيران.
أما الرسائل الموجهة لخصوم الحركة الحوثية وموكليها فهي تكمن في التظاهر بعنصر القوة والمقدرة على ابتكار أدوات صراع جديدة والتركيز على الحرب النفسية التي سيمثلها عنصر المفاجأة والنوعية في تلك العملية مهما كانت ضآلة النتيجة الفعلية للهجمات.
السؤال الجاد الذي يطرح نفسه ذو شقين : فأولاً هل ستصمت السعودية على هذا العمل المتهور والاستفزازي الذي يدحض كل ادعاء للحوثيين بأنهم دعاة سلام؟ وثانياً: ماذا قدم أنصار السعودية من الشرعيين اليمنيين الذين يبتلعون ميزانية عدة دول من الدعم السعودي دون أن يفوزوا بهجمة واحدة على الانقلابيين الحوثيين وكلاء يران الذين يدعون أنهم يحاربونهم ويسعون لهزيمتهم؟