إغراق سفينة عمان .. الحوثي وجريفيث يُجهضان محاولات الحل السياسي
الجمعة 17 مايو 2019 20:19:53
من جديد، واصلت مليشيا الحوثي الانقلابية إجهاض أي محاولة للتوجّه نحو إحلال السلام وإنهاء الحرب التي أشعلتها المليشيات في صيف 2014، وهي محادثات رست سفينتها هذه المرة في العاصمة الأردنية عمان.
ممثلو الحكومة اتهموا المليشيات الحوثية بإفشال جولة المباحثات التي انتهت أمس في العاصمة الأردنية عمان دون التوصل إلى اتفاق حول إيرادات موانئ الحديدة.
رئيس المكتب الفني وعضو الوفد الحكومي اليمني في مشاورات السويد محمد العمراني، حمّل المليشيات الحوثية ومكتب مبعوث الأمم المتحدة المسؤولية عن فشل مفاوضات عمّان ابتداءً من يوم الثلاثاء الماضي، حول آلية تطبيق بنود اتفاقية الحديدة، وقال إن المليشيات وضعت العراقيل أمام فرصة التوصل إلى اتفاق.
وأوضح العمراني أنّ الاجتماع الذي دعا إليه المبعوث الأممي إلى اليمن جاء لتنفيذ آلية البند الاقتصادي في اتفاقية الحديدة، المتعلق بموانئ الحديدة وتحصيل الإيرادات وإيداعها في البنك المركزي، إلا أن الوفد الحكومي تفاجأ بطروحات من قبل الطرف الآخر بالاتفاق مع مكتب المبعوث الأممي بعيدة عن الأهداف التي عقدت من أجلها الاجتماعات.
وهاجم المسؤول اليمني، الآلية التي يتعامل بها مكتب جريفيث، ووصفها بـ"غير الصحيحة"، وقال إنّها لا تتماشى مع أصول الاتفاقيات، وأضاف: "هناك اتفاق، في الأصل أن نعمل على آلية تنفيذه، وليس فتح مشاورات جديدة وتفاصيل لا داعي لها".
وتريد المليشيات الحوثية بقاء الإيرادات تحت يدها في فرع البنك المركزي في الحديدة الخاضع لها، كما تطمع في أن تتولى الحكومة صرف رواتب جميع الموظفين في مناطق الانقلاب مقابل عدم التزامها بتوريد الأموال في مناطق سيطرتها إلى البنك المركزي، والاستمرار في تسخيرها للمجهود الحربي.
وكان جريفيث قال خلال إحاطته أمس الأول الأربعاء، أمام مجلس الأمن، إنه متشجع بالخطوات التي اتخذها الطرفان لمعالجة المسائل المتعلقة بالجوانب الاقتصادية لاتفاق الحديدة، وبالأخص النظر في إيرادات الموانئ؛ حيث اجتمع ممثلو الطرفان في عمان مع مكتبي لمناقشة هذه الموضوعات.
لكنّ الاتهامات طالت هذه المرة المبعوث الأممي مارتن جريفيث، حيث هاجمه رئيس الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار اللواء صغير بن عزيز، على خلفية الإحاطة التي أدلى بها أمام مجلس الأمن، والتي تضمنت مديحاً للميليشيات وزعيمها عبد الملك الحوثي.
واتهم بن عزيز في سلسلة تغريدات عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مليشيا الحوثي بإفشال كل جوانب اتفاق استوكهولم، وقال إنّ قادة الميليشيات أغلقوا موضوع الأسرى وأفشلوا تفاهمات تعز، ورفضوا كل الخيارات لإعادة انتشار صحيح في الحديدة.
وأضاف: "أمام ضغط المجتمع الدولي والرباعية وشعور المبعوث بالفشل التام، ألقى الحوثيون إليه فرصة للعبور عبر إعادة انتشار أحادي موهوم".
ومع ما اعتبرته الحكومة مداهنة من قبل جريفيث للمليشيات الحوثية، وثناء غير مستحق على زعيمها، اتهم بن عزيز المبعوث الأممي بأنه يحاول الحفاظ على موقع ووظيفته، وأن ذلك بالنسبة له أهم من الحفاظ على حياة ملايين اليمنيين الذين تشير إليهم تقاريره في كل إحاطة.
وكشف اللواء صغير بن عزيز عن أنّ الحوثيين لم ينسحبوا كما أفادت إحاطة جريفيث، وقال: "الجميع يدرك هذه الحقيقة، كل ما حصل هو السماح بوصول مشروط للأمم المتحدة إلى الموانئ".
وفي كلمته أمام المجلس، واصل جريفيث إغلاق عينيه وغض بصره عن الحقيقة، حيث لم يدن الخروقات الحوثية المتواصلة لاتفاق السويد، بل شكر قائد المليشيات عبد الملك الحوثي، دون أن يفهم ملايين الناس على ماذا يشكره، هل على جرائم الحرب المستمرة، هل على إنهاك المدنيين بأزمة إنسانية لا نظير لها، هل على تغييب أي أفق للحل السياسي، أسئلةٌ ربما لن تجد إجابات.
الأمم المتحدة متهمة بالتغاضي عن جرائم الحوثيين، وحتى إن وجدت نفسها في بعض الأحيان مضطرة لإعلان جانب من هذه الحقيقة إلا أن هذا لم يكن كافياً لردع المليشيات.
كما لم تتخذ الأمم المتحدة أي إجراءات من شأنها الضغط على الحوثيين لتوقف كل هذا العبث، لا سيما ما يتعلق بنهب المليشيات للمساعدات الإنسانية، وهو أكثر ما يتعلق بحياة الناس بشكل مباشر، لا سيما القاطنين في مناطق سيطرة الحوثي.
"لماذا تتعامل الأمم المتحدة هكذا".. لعله السؤال الأكثر إلحاحاً ويبحث الملايين عن إجابة له، لا سيما بعدما قدم جريفيث الشكر لعبدالملك الحوثي تحت زعم انسحاب المليشيات من الموانئ، وهي مسرحية أثارت سخريةً أكثر ما قادت إلى تشاؤم.
الإجابة على هذا السؤال المُلِّح تُفهم في سياق النظر إلى أجندة الأمم المتحدة في اليمن، التي يبدو أنها ترمي أولاً وأخيراً إلى إعلان نجاح مهمة جريفيث، حتى وإن كان هذا الإعلان قائماً على فشل ذريع سنح المجال أمام تمدد حوثي مروع ووضع إنساني فادح.