دبلوماسي في مهمة شائكة.. هل تحوّل جريفيث إلى مبعوث الحلول الفضاضة؟
الجمعة 31 مايو 2019 00:11:40
"يريد أن يغيّر الواقع.. للأسف هو شخص غير جدير بمهمته، يريد فقط أن يحقق مكاسب مهنية له من خلال الاستمرار في مهمته التي فشل فيها حتى اللحظة، فلا اتفاق السويد تم تنفيذه ولا توقفت المعارك".
هكذا فضح قائد عسكري كبير في الجيش، سياسات المبعوث الأممي مارتن جريفيث إلى اليمن، مضيفاً إلى صراع الشرعية والدبلوماسي جانباً جديداً من التوتر، وإطاراً جديداً من الاتهامات.
جريفيث كان قد أشاد خلال إحاطةٍ قدمها بمجلس الأمن في منتصف مايو الجاري بما تحقق في الحديدة، إلا أنّه في ذلك الوقت كانت المعارك قد تجدَّدت في المدينة.
وقال جريفيث في تلك الكلمة: "لقد غادرت قوات أنصار الله (الحوثيين) الآن الموانئ الثلاثة.. أود أن أهنئ الجنرال مايكل لوليسجارد وفريقه (المراقبين الدوليين) على هذا الإنجاز، وأعرب عن امتناني لهم على ثباتهم في دعم اتفاق الحديدة".
وأضاف: "هذا التقدم سيمكن الأمم المتحدة من دور رائد في إدارة وتفتيش الموانئ، حيث المفتشون مستعدون للانتشار".
إلا أنّ الواقع كان مغايراً، حيث انسحب مسلحون من الموانئ، وحلّ محلّهم حوثيون آخرون، لكنهم كانوا يرتدون زياً موحداً لقوات خفر السواحل، بحسب الضابط البارز عبده حزام.
وأكّد القائد العسكري أنّ المعارك لا تزال مستمرة في محيط مدينة الحديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، التي تخضع لسيطرة الحوثيين، وتطوقها القوات الحكومية.
وكانت الحكومة ومليشيا الحوثي قد توصَّلتا إلى اتفاق في ديسمبر الماضي بالعاصمة السويدية، رعته الأمم المتحدة، ينص على سحب قوات الحوثيين من الحديدة وموانئها، بحلول 7 يناير الماضي، إلا أنّ الانقلابيون أجهضوا هذا الاتفاق وأفرغوه من محتواه.
وفي هذا الصدد، اتهم مصدر حكومي رفيع، المبعوث الأممي بأنّه يسوّق حلولاً فضفاضة لا ترقى إلى مستوى الأزمة المعقدة.
تحركات جريفيث أغضبت الحكومة، التي قال المتحدث باسمها راجح بادي إنّه لم يعد نزيهاً ولا محايداً في أداء المهمة الموكلة إليه.
وفي الفترة الأخيرة، تعالت الأصوات الداعية إلى الاستمرار بالمطالبة برحيل جريثيف، على الرغم من رفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لإزاحة مبعوثه، بعد رسالة وردت من الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلا أنّ رد الأمين العام يبدو أنّه لم يقنع الكثيرين، على الرغم من تعهُّد الرجل بالتزام جريفيث بالحياد التام.
رد جوتيريش على رسالة هادي يمكن اعتباره بأنّه يوضّح طبيعة التصور والأداء والدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في الأزمة التي يجب أن تكون في المنتصف بين طرفين، وأنها ينبغي أن تتوازن في الضغوط والانتقادات الموجهة من الطرفين.
وتُوجّه اتهامات لـ"جريفيث" بأن ما يهمه هو النجاح الشخصي، والسعي لفرض حلول لا تناسب جميع الأطراف، وهو ما قاد إلى سلسلة من المطالب الداعية إلى عدم التعامل مطلقاً مع جريفيث؛ ضغطاً على الأمم المتحدة لحين تعيين مبعوث آخر، يحل مكانه.
وتهدف هذه الدعوات كذلك إلى إجبار الأمم المتحدة على إيجاد مبعوث عنده القدرة العالية على تطبيق القرارات الأممية وليس إيجاد حلول مبتكرة خارج المرجعيات الثلاث، وهو الأمر الذي لن يضمن أي سلام سواء في اليمن أو في المنطقة برمتها، وفق محللين تحدَّثوا لصحيفة الشرق الأوسط.
وكان مصدر حكومي قد كشف في وقتٍ سابق، عن اقتراح جوتيريش بعقد لقاء تتم خلاله مراجعة ما ورد في رسالة الرئيس منصور هادي إلى الأمين العام التي حملت حزمة ملاحظات، من أهمها أن الحكومة ترى أن أداء المبعوث شهد تجاوزات كثيرة.
وأعلن متحدث باسم أنطونيو جوتيريش قبل أيام أنّه يؤكد ثقة الأمين العام في مبعوثه الخاص لليمن وعمله، وفقاً لما نشره موقع الأمم المتحدة الإلكتروني الذي ذكر أن المتحدث، وهو ستيفان دوجريك، نقل عن جوتيريش قوله في رده على الرسالة: "التزام الأمم المتحدة تجاه اتفاق استوكهولم ينبع أولاً، وقبل كل شيء، من رغبة عميقة لتخفيف معاناة الشعب اليمني، والمساعدة في معالجة الأزمة الإنسانية.
وأضاف: "الأمين العام أكد للرئيس هادي أن المبعوث الخاص سيضاعف جهوده لدعم الطرفين؛ للوفاء بالتزاماتهما التي أعلناها في استوكهولم، وأنه سيفعل ذلك بشكل متوازن يدعم التوصل إلى حل سياسي دائم للصراع".
لكن المتحدث لم ينشر أو يتحدث بكامل فحوى الرسالة، والتي قال فيها جوتيريش: "لقد بذلت منظومة الأمم المتحدة كاملة، ومبعوثي الخاص على وجه التحديد، جهوداً مضنية للوصول في النهاية إلى توقيع الاتفاق بالكامل، وتحقيق تقدم كبير لوضع حد نهائي لصراع يؤدي في النهاية إلى إمكانية تحقيق التحول السلمي الشامل في اليمن، بقيادة اليمنيين أنفسهم، لتحقيق التطلعات المشروعة للشعب".
وأضاف: "كما بينت تجربة الحرب في اليمن، فإن إحلال السلام عملية معقدة، وتنطوي على كثير من التحديات التي تتطلب عملاً دؤوباً على كثير من الأصعدة، ومع مختلف الأطراف.. والأمم المتحدة إذ تؤكد التزامها بالتعامل كوسيط محايد أمين في عملية السلام، فإنها تعول على أهمية التواصل بين مختلف الأطراف، في ظل تفعيل الاتفاق المكتوب، وتحويله إلى حقيقة على أرض الواقع".
ووعد "الأمين العام"، فيما يخص تنفيذ اتفاق استوكهولم، بأن الأمم المتحدة ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على موقفها الحيادي، وأن تحمي روح وجوهر الاتفاق، لما فيه صالح جميع الأطراف.