قراءة في حراك مكة.. القمم بين التلجيم الحوثي والتقويض الإيراني
تجذب مدينة مكة المكرمة الأنظار في هذه الآونة، شاهدةً على ضغط سياسي (عربي - خليجي - إسلامي) بشكل غير مسبوق على إيران، وأذرعها الإرهابية، وفي مقدمتها مليشيا الحوثي الانقلابية.
هذا التحرُّك حقّق نجاحًا منذ وقت مبكر، مع استجابة واسعة من قِبل قادة وزعماء الدول العربية والإسلامية الذين حرصوا على الاصطفاف إزاء التحديات التي زادت حدتها مع الهجوم التخريبي على السفن التجارية في المياه الإقليمية الإماراتية، ولاحقًا استهداف محطتي ضخ النفط في الرياض ثم محاولة استهداف أهداف مدنية في مكة المكرمة، وهي هجمات نفّذتها ميليشيا الحوثي الانقلابية، بإيعازٍ من إيران، التي تُشكّل حاضنة سياسية وعسكرية لهذه الجماعة الإرهابية.
القمم الثلاث التي تستمد أهميتها كذلك من انعقادها في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان الكريم وتُعقد في مكانٍ لا يضاهيه في قدسيته مكانٌ آخر، تضع على رأس أولوياتها تحديد إطار عربي وإسلامي موحد للتصدي للمخاطر المحدقة التي تحيط بالعرب والمسلمين، الناجمة عن سياسات إيرانية على جبهات عدة، سواء في اليمن بدعم الحوثيين، أو في لبنان بدعم ميليشيا حزب الله، أو في العراق عبر دعم ميليشيات شيعية، وجميعها متورطٌ في الكثير من الأعمال الإرهابية.
في هذا السياق، يرى المحلل السياسي والباحث في الشؤون الاستراتيحية وإدارة الأزمات الدكتور عمر محمد الشرعبي أنّ أزمة اليمن التي بلغت عامها الخامس جعلت قمم مكة تحمل أهمية كبيرة، في ظل تزايد التهديدات الإقليمية في المنطقة، لا سيّما بعد الهجمات التخريبية التي استهدفت سفناً تجاريةً في المياه الإقليمية الإماراتية، ثم الهجوم على محطتي ضخ النفط في العاصمة السعودية الرياض، ثم محاولة استهداف أهداف مدنية في مكة المكرمة.
ويضيف في حديثٍ لـ"المشهد العربي"، أنّ هذه التطورات أعطت زخماً سياسياً وعسكرياً لمليشيا الحوثي وإيران ما قاد إلى الدعوة لانعقاد هذه القمم في توقيت متزامن، موضحاً أنّها تهدف إلى تحجيم القوة الحوثية وكذلك إيجاد حلول للتعامل مع الخصم الإيراني والذي يلقي بأنياب مليشيا الحوثي من حين إلى آخر عبر ضربات صاروخية موجعة.
وإلى الآن، يمكن القول إنّ نتائج القمتين الطارئتين اللتين انعقدتا في مكة المكرمة أمس (العربية، والخليجية)، جاءت لترسم مشهداً يعكس وحدة الصف العربي والخليجي حيال الأخطار التي تواجه المنطقة، وعلى رأسها الجرائم الإرهابية المرتكبة بحق شعوب المنطقة والعالم.
وتتمثل التحديات العربية والخليجية في تدخل الآخرين في شؤون دول المنطقة، وتحريك أطراف لإثارة البلبلة والفتنة على الأرض العربية، من خلال مليشيات طائفية تعيث فساداً وقتلاً، وتهدد استقرار المنطقة الذي يعتبر امتداداً للأمن والاستقرار الدوليين.
كما أنّ مقررات القمتين اللتين تأتيان في ظل ظروف حرجة، أعادت صياغة الموقف العربي والخليجي بشكل أقوى وأكثر منعة، تجاه القضايا الكبرى، بما يوجه رسالة لكل من يحاول الالتفاف على هذا التوافق التاريخي، وخصوصاً فيما يتعلق بالحفاظ على السلام والاستقرار والأمن وحقوق الشعوب.