خندق الموت الذي يجمع الحوثي والإصلاح
السبت 1 يونيو 2019 22:00:11
رأي المشهد العربي
"قضيتنا قضية واحدة، التحديات التي تواجهنا واحدة وكبيرة ويفترض أن نكون في خندق واحد".. بلغت العلاقة "سيئة السُمعة" بين مليشيا الحوثي الانقلابية وحزب الإصلاح (الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية) محطة جديدة من الغزل، لتواصل الجماعتان الطريق نحو مزيدٍ من القتل، وكثيرٍ من العنف والإرهاب.
عضو المكتب السياسي لمليشيا الحوثي محمد البخيتي قال في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "قضيتنا وقضية الإخوان المسلمين قضية واحدة، والتحديات التي تواجهنا واحدة وكبيرة ويفترض أن نكون في خندق واحد".
في الوقت نفسه، وفيما بدا أن يكون مقصوداً في تزامنه وسياقه ومضمونه، رحّب محمد عبدالقدوس المسؤول بوكالة "سبأ" التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء، بالتقارب مع حزب الإصلاح؛ وقال: "نرحب بأي تقارب مع الإصلاح"، مادحاً في كوادر الجماعة ومثنيًا على مواقفها بالوقوف بجانب الحوثيين.
التقارب مع الحوثيين يفضح سياسات إخوانية متكررة في تجارب دول مختلفة ليس فقط في اليمن، فالجماعة (المصنفة إرهابية) يُقال إنّها تُجيد الرقص على كل الحبال، تارةً بين دعم الحوثيين وأخرى بإدعاء الوقوف في صف التحالف العربي ضد المليشيات الانقلابية.
هذا التناقض الإخواني يهدف في المقام الأول إلى إنهاك كافة الأطراف في الحرب التي بلغت عامها الخامس، ولا يلوح في الأفق أي بوادر لحلها، على الأقل في المستقبل القريب، وبالتالي تحاول الجماعة مصادرة السلطة ربما في مرحلة مقبلة.
ميدانياً كذلك، تحالف حزب الإصلاح مع المليشيات الحوثية من خلال تسليم عددٍ من المواقع لسيطرة الانقلابيين، في طعنات غادرة للتحالف العربي، كشفت عن الوجه الإرهابي لحزب الإصلاح الإخواني.
وكانت مليشيا الإصلاح قد سلّمت في نوفمبر 2015، منطقة الشريجة جنوب مدينة تعز إلى مليشيا الحوثي، وهو الأمر الذي تكرر في أكتوبر 2017، حيث سلمت مليشيا الإخوان في تعز جبل هان، المنفذ الوحيد الرابط بين تعز وعدن، للحوثيين.
كما سلّمت "الإصلاح" مدينة صرواح في محافظة مأرب النفطية لمليشيا الحوثي، الأمر الذي أدى إلى استنفار عسكري من قبل الجيش، والتحالف لاستعادة صرواح، لما تشكله من أهمية استراتيجية في المعارك ضد المليشيات.
"الحلف الخفي" بين الحوثي والإخوان يهدف إلى السيطرة على اليمن وإنهاء القوى التي تُشكّل تهديداً لمخططهم، وفي مقدمتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي يعد شوكة قوية في ظهر مخططات الإخوان والحوثي.
وكان "المشهد العربي" قد رصد قبل أيام، ما تردَّد عن تجهيز حزب الإصلاح لصفقة أسلحة أغلبها ذخائر في تعز، لبيعها للحوثيين.
مصادر مطلعة كشفت في هذا الصدد أنّ إتمام هذه الصفقة سيكون عبر افتعال حرب وهمية، يتم التصوير بأنّها اندلعت بين الحوثي والإصلاح في جبهة كلابة، إلا أنه سيتم بيع الأسلحة للانقلابيين.
فيما يتعلق بعمليات التهريب، يُنظر إلى الجنرال علي محسن الأحمر نائب الرئيس بأنّه "رأس الأفعى" التي حقّقت أرباحاً خياليةً من وراء جرائم تهريب الأسلحة، فالرجل يتستر تحت غطاء الشرعية، في وقتٍ تورّط في الكثير من عمليات تهريب الأسلحة إلى المليشيات الحوثية التي يُفترض أن يعاديها باعتباره الذراع اليمنى للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وشكّل الأحمر تكتلات عسكرية تحت لواء "الشرعية" لاستئناف جرائم التهريب والمخدرات والإرهاب التي كان يستفيد منها.
معلومات تهريب الأسلحة جاءت بعد يومٍ واحدٍ فقط من العثور على جثث مقاتلين بحوزتهم هويات حزب الإصلاح في منطقة البقع بمحافظة صعدة "معقل الحوثيين" وذلك بعد تحريرها، ما أعاد الحديث عن فضائح العلاقات سيئة السمعة بين المليشيات الإخوانية ومثيلتها الحوثية.
العلاقة التي توصف بـ"الشيطانية التآمرية" بين الإخوان والحوثيين تقوم على تقارب مصالح بين الجانبين، تهدف في المقام الأول إلى إنهاك الجيش والتحالف العربي، لكن من غير المستبعد أن تندلع بينهما صدامات في وقتٍ لاحق عندما تحين فرصة مصادرة سلطة أو استئثار بدائرة صناعة قرار.
جرائم الإصلاح، لا سيّما عبر قادته النافذين في الشرعية، تضع الكثير من علامات الاستفهام حول دور الحكومة التي ربما تستفيد من إبقاء الوضع الراهن على شكله المعقد، دون أن تثبت صدق نواياها في حلحلة الأزمة، ويضاف إلى ذلك الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة وتسبّبت في تأزيم المشهد، لا سيّما على الصعيد الاقتصادي.
وكان منصور الأكحلي قائد شرطة تعز قد كشف قبل أيام، هذا التحالف سيئ السمعة بين الحوثي والإصلاح، عندما أعلن عدم ملاحقة غزوان المخلافي قائلاً: "(هو) هاربٌ في مناطق متاخمة للانقلابيين، وعندما تتم مداهمة هذه المنطقة لا شك أنّنا لن نشتبك مع غزوان كشخص وإنما سنشتبك أيضاً مع الانقلابيين وقد نُحدث معركة ليس لها مبرر".