مليشيا الحوثي تواجه قمم مكة بـ إعادة هيكلة .. ما الذي حدث؟
في الوقت الذي واجهت فيه مليشيا الحوثي الانقلابية عزلة كبيرة في أعقاب انعقاد القمم الثلاث (العربية، الخليجية، الإسلامية) في مدينة مكة المكرمة، فإنّ خلافاً يرتقي إلى إعادة هيكلة الجماعة الموالية لإيران قد طفا على السطح.
قمم مكة والحصار السياسي الذي واجهته مليشيا الحوثي، دفعها إلى التأكيد على بقائها في الحضن الإيراني والتماهي مع الأدوار التخريبية لحزب الله اللبناني، وقد جاء ذلك خلال اجتماع موسع لمجلس حكم الانقلاب وحكومته غير المعترف بها في صنعاء ترأسه محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة ورجلها الثالث بعدما أزاح القيادي مهدي المشاط عن واجهة اللقاء على الرغم بأنَّ الأخير هو من يشغل صورياً رئاسة مجلس حكم الانقلاب أو ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى للمليشيات الحوثية.
المعلومات التي نشرتها صحيفة الشرق الأوسط، بيّنت أنّ المصادر الرسمية للمليشيات بثّت صوراً للاجتماع الذي رأسه الحوثي مقدمة إياه بصفته عضواً في مجلس حكم الانقلاب (المجلس السياسي الأعلى) رغم وجود أعضاء أسبق منه في المجلس وعلى رغم وجود وزراء حكومة الانقلاب خلال الاجتماع.
في هذا السياق، تحدَّثت مصادرٌ مطلعة من دوائر حكم المليشيات أنّ اللقاء الذي رأسه محمد الحوثي بعيداً عن المشاط جاء ليكشف عن عمق الصراع بين أجنحة حكم المليشيات الانقلابية، حيث يعتقد الحوثي أنّه الشخص الأولى بمسك زمام الانقلاب ورئاسته وليس مهدي المشاط الذي يرى فيه الحوثي عدم أحقيته بذلك لجهة عدم انتمائه إلى سلالة زعيم الجماعة.
وتوعّد الحوثي خلال الاجتماع بمزيد من التصعيد العسكري لمليشياته عبر إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، في إصرار على إرهاب جماعته وعدم رضوخها للسلام والانصياع لقرارات المجتمع الدولي بما في ذلك القرار 2216.
وخصّص الاجتماع الذي جاء للتعليق على نتائج قمم مكة الثلاث، بحسب المصادر، جانباً كبيراً من مساحته للثناء على الأدوار الإرهابية لحزب الله اللبناني ولشكر زعيم الحزب حسن نصر الله الذي ترى فيه الجماعة وكيلاً محلياً لطهران على قدم المساواة مع زعيمها الجماعة عبد الملك الحوثي.
كما استعرض اللقاء، وفق المصادر، الطرق المختلفة التي يمكن أن تقوم بها المليشيا لدعم حزب الله مالياً من الأموال التي تجنيها من المؤسسات ومن حملات النهب والإتاوات التي تفرضها على التجار، وبخاصةً بعد أن فتحت عبر وسائل إعلامها، عملية التبرع بالأموال لمصلحة حزب الله تعويضاً للعجز في تمويله من قبل إيران جراء العقوبات الأمريكية على صادرات طهران من النفط.
ورغم وجود مهدي المشاط وإشارة المصادر الحوثية إلى قيامه بعدد من الأنشطة في صنعاء، فإنَّ غيابه عن الاجتماع الذي تصدره الحوثي مع كبار قادة الانقلاب، يشير إلى الخطوة الوشيكة لإطاحته من قبل الجماعة وتسليم مجلس حكم الانقلاب إلى ابن عم زعيم الميليشيات.
وكان الحوثي قد كرّر تبجُّح مليشياته بالقدرات العسكرية النوعية في تغريدة على "تويتر"، زعم خلالها أنّ جماعته مستعدة لتصدير طيرانها المسير إلى كل الجماعات الراغبة في الحصول على هذه التقنيات التي يرجح المراقبون حصول الجماعة عليها من إيران وبخبرات من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
ونجحت قمم مكة الثلاث في ترسيخ جبهة عربية قوية، تصنع ردعاً حازماً وحاسماً ضد الشر الإيراني - الحوثي في المنطقة، من خلال ترسيخ وحدة الصف العربي ضد التدخلات الخارجية والأخطار المحيطة بالمنطقة، وبلورة موقف موحد ضد التهديدات الخارجية، وعلى رأسها التهديدات الإيرانية وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة.
وكان القادة العرب قد أدانوا ما قامت بها مليشيا الحوثي، وشدَّد البيان الختامي على أنَّ سلوك إيران في المنطقة يهدد الأمن والاستقرار في الإقليم بشكل مباشر.
وبحسب خبراء ومحللين، فإنّ قمم مكة وضعت إيران أمام مسؤولياتها ووجّهت رسالة شديدة اللهجة للسياسة الإيرانية، بعد أن أوضح البيانان بشكل صريح الدور الإيراني التخريبي في سوريا واليمن ودعمها لمليشيا الحوثي.
كما ساهمت في إيجاد شكل جديد للوضع السياسي والأمني في المنطقة العربية، وبخاصةً أنّ الرسالة كانت حادة ضد إيران التي بدت بدت معزولة تماماً، ما يعني أنّ طهران عرفت حدود مشاكستها في المنطقة وأنها لن تعود كما كانت في السابق من استغلال أوضاع المنطقة.
في الوقت نفسه، فإنّ الضغوط الأمريكية على النظام الإيراني ترسل رسالة إلى طهران التي بدأت تستجدي الحوار مع الدول الخليجية، وبات من غير المستبعد أن تشهد الأيام المقبلة مزيداً من الرضوخ الإيراني.