سوق البشرية..!

* ألا أونو .. ألا دوي .. ألا ثري .. من يفتح المزاد .. من يشتري .. هذا مطلع الأغنية المغربية (سوق البشرية)، للمطرب عبد الوهاب الدكالي، مطرب أغنية (مرسول الحب)..

* وبين أغنيتي (سوق البشرية) و(مرسول الحب) يقف اليمنيون بين نارين، نار حرب طاحنة وقودها الناس والحجارة، ونار فقر مدقع تحول فيه المواطن المغبون إلى (خردة) يباع في (سوق البشرية) بثمن بخس..
* بالأمس فقط عرض مواطن (جنوبي) بيع إحدى كليتيه في (سوق البشرية) بأي ثمن حتى لا تلقى أسرته حتفها جوعا..

* بالأمس أيضا وفي لحظة ضعف وانهيار، أقدم مواطن فقير على شنق نفسه أمام أولاده، لأنه فشل في توفير وجبة الغداء (بسكويت أبو ولد)، لم يشأ أن يغادر مسرح (سوق البشرية) إلا بعد أن قال في لحظة الحشرجة: ذنبي في رقبة الحكومة..
* قبل أيام هزني خبر من النوع الصاعق الماحق، فهذه أم ثكلى استشهد ابنها في الدفاع عن عرض (الجنوب) تفترش الأرض وتعرض ابنها الصغير للبيع في (سوق البشرية) لتطعم أفواه وأرانب جائعة، وهي ذاتها الأم التي اشتكت من جهات نافذة سطت على راتب ابنها الشهيد ظلما وعدوانا..

* وأزيد الحكومة من شعر (سوق البشرية) بيتا يُدمي القلوب والمقل، فهذا نازح من (تعز) يحرق نفسه أمام أطفاله الجياع بحثا عن الخلاص من مخيمات الذل والإهانة..
* قفز الدولار في (الجنوب) حيث تبدع الحكومة في تعذيب الناس إلى أعلى مستوياته، وبقي مزاد (سوق البشرية) مغريا للمواطن الغلبان ليبيع المزيد من أعضائه ليحيا غيره بعض الوقت..

* فهذا (الحانوتي) يصرخ في مزاد (سوق البشرية): يا حراجاه يا رواجاه سعر القبر في البورصة بخمسين دولارا، فعلى من يرغب في الانتحار تجهيز الثمن أولا، راح زمان البلاش، في زمن الإنسان فيه أقل قيمة من الكباش..
* دخلت المجاعة كل بيت (يمني)، في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية الأساسية، الحاجة الوحيدة التي هبطت أمام الدولار هي حياة المواطن اليمني الذي يعيش بين مطرقة العوز وسندان الحاجة..

* كسرة خبز يابسة ليست شيئا مهما عند وزراء ومسؤولين يأكلون مع عوائلهم في الخارج أحلى وأغلى أكل، لكنها بالنسبة لمواطن يمني - متشرد يتضور جوعا - تساوي كل شيء..

* وأمام هذه المشاهد المأساوية، لا عجب أن سمعنا غدا عن مواطن باع (كبده) في (سوق البشرية) بكيس دقيق، ولا غرابة أن سمعنا عن مواطن باع (عينه) مقابل كيس قمح، كل شيء جائز ومتوقع في ظل تجار البشرية الذين يكتنزون ويمتصون دولارات التحالف في البنوك الخارجية وهم يرقصون على جماجم أبطال ضحوا بحياتهم لأجل من عايش وعاصر مأساة الغزو، فيما حكومتنا المراهقة المثخنة بالغث تفرغت للمناكفات واستفزاز الجنوبيين على حساب واجبها الديني والأخلاقي، لكن هذا ليس ذنبها وحدها مادام مخرج فيديو كليب أغنية (سوق البشرية) عايز كذا، ولا حول ولا قوة إلا بالله..!​