ارفعوا أيديكم عن حضرموت إلى هنا يكفي نقطة نظام

عاد الحديث هذه الأيام مجددا عن مشروع تقسيم حضرموت إلى محافظتين وادي وساحل في بعض مواقع التواصل الإجتماعي والمراكز الإعلامية التابعة لبعض القوى السياسية الإنتهازية المدعومة من رموز سياسية وعسكرية في السلطة الشرعية ، تزامناً مع تحركات محمومة قامت بها في فتراتً سابقة وجاهات قبلية وعسكرية وسلطوية وسياسية ، لإحياء هذا المشروع القديم الجديد الذي قوبل بالرفض القاطع والاستنكار الواسع أكثر من مرة وفشل ، من أبناء حضرموت قاطبة في الداخل والخارج ، والساحل والوادي ، لخطورته عاى وحدة النسيج الإجتماعي الحضرمي ، وعودة الماضي الإستعماري البغيض ، وسياسة فرق تسد ، تلك السياسة التي كان الإستعمار البريطاني ينهجها في حكمه للجنوب ، كما إن هذا المشروع ، يذكرنا بعودة حضرموت إلى العهد البائد ، عندما كانت تحكمها سَلْطَنَتَان ، كثيري في الوادي ، وقعيطي في الساحل ، وفي ذلك إضعاف لوحدة حضرموت وطعنة قاتلة في خاصرتها ، لما مثلته على مدى تاريخها الطويل والعريق ، من عمق حضاري وثقافي وإقتصادي ، ومالعبه الحضارمة من أدوار هامة في نشر الإسلام والإسهام في نهضة الشعوب والبلدان التي هاجروا إليها واستقروا فيها .

وتأتي هذه التحركات ، رداً على الغضب الشعبي الواسع والإحتجاجات الجماهيرية الكبيرة والعريضة التي بدأت تظهر في الوادي ، بقيادة المجلس الإنتقالي الجنوبي ، رفضاً للفلتان الأمني الذي تشهده مديريات الوادي منذ فترة طويلة والذي أنعكس في وجود سلسلة من أعمال القتل والتقطع والسرقات والإختطافات التي تعيشها هذه المديريات بين فترة وأخرى ، وعجز الأجهزة الأمنية والعسكرية الوصول إلى الجناة ، ومطالبة المحتجييعلى بتوحيد حضرموت تحت سلطة أمنية وعسكرية واحدة ، وأن يتولى الملف الأمني والعسكري أبناؤها ، متمثلة في قوات المنطقة العسكرية الثانية وقوات النخبة الحضرمية ، بدلاً عن قوات المنطقة العسكرية الأولى التي فشلت في وضع حد لهذه الأعمال الإجراميةا ، والتي ينتمي معظم أفرادها إلى محافظات الشمال ، ومنعا من تكرار لتلك الحادثة الأليمة التي سلمت فيها قوات المنطقة العسكرية الثانية المكلا ومدن الشريط الساحلي للجماعات الإرهابية المسلحة في ٢٠١٥ م، من دون مقاومة تذكر ، في مشهد معيب جدا لشرف المهنة وكرامة الوطن .

إنَّ إثارة هذا الموضوع في هذه المرحلة وفي هذه الظروف بالذات في الوقت الذي يلف الغموض جبهات الحرب الأخرى ويسود الهدوء فيها ، يضع أكثر من سؤال ويثير كثيرا من الشكوك والنوايا ، الهدف منها عرقلة معركة إسقاط الإنقلاب المتوقفة ، وفتح جبهات ثانوية ، بدلا من تركيز الجهود لتحرير العاصمة واسقاط الإنقلاب ورفع الحصار الخانق الذي يفرضه الإنقلابيون على تعز وأهلها.

للأسف الشديد إن هذه الجهود تتبناها بالوكالة شخصيات حضرمية محسوبة على هذا الوادي ، طمعا ًفي المنصب والجاه ، مدفوعة من قبل كيانات سياسية ، وشخصيات عسكرية وسياسية متنفذة في السلطة الشرعية ، فقدت مصالحها ولحسابات سياسية تتعلق بمستقبل الجنوب في أية تسويات قادمة بعد إنتهاء الحرب ، وليس مستبعداً عل الإطلاق أن يصدر قرار رئاسي بإنشاء محور عسكري يضم الوادي وشيء من المحافظات الشمالية المجاورة ، على غرار محور مأرب حبان في شبوة ، للسيطرة عسكرياً على مواقع الثروة في الجنوب ، لحرمان الجنوب من ثروته ، ممَّا يُبْقِي حالة التوتر والإحتراب بين الشمال والجنوب قائمة مستقبلا وبشكل دائم .

إن تقسيم حضرموت لو تم إرضاء لرغبات قوى سياسية إنتهازية نفعية ومصالح قوى متنفذة تدعي حرصها على وحدة اليمن زورا وبهتانا ، في الوقت الذي نراها تسعى لتقسيم حضرموت ، سيكون قراراً كارثياً ووصمة عار في جبين هؤلاء ، وسيلعنهم التاريخ والأجيال الحضرمية القادمة ، ويكونون قد حققوا ماعجز النظام السابق في ظل قوته وجبروته عن تحقيقه .

ولخطورة مثل هذه القرارات على وحدة حضرموت وعلى نسيجها الإجتماعي وعلى مكانتها وسمعتها ، يتطلب من كل أبناء حضرموت في الداخل والخارج ومكوناتها السياسية والإجتماعية ، وفي مقدمتها المجالس الإنتقالية في مديريات الوادي والمجلس الإنتقالي في المحافظة ، والمؤتمر الحضرمي الجامع ، وتحالف قبائل حضرموت ، وكل شريف في هذه المحافظة ، أن يتصدوا وبقوة لهذا المشروع التآمري ، ونقول لهولاء ومن يساندهم في السلطة الشرعية ، ارفعوا أيديكم عن حضرموت ًإلى هنا يكفي نقطة نظام ، فهي ليست ملكاً من أملاككم لكي تتصرفوا فيها كيفما شئتم ، بل هي ملكٌ لكل أبنائها بمختلف طوائفها ، فحضرموت ليست قاصرة لتفرضوا أنفسكم أوصياء عليها ، فكان الأجدر بكم أن تعملوا على تغعيل دور الأجهزة الأمنية والعسكرية في الوادي للتصدي لأعمال القتل والتقطع والإختطافات والإعتداء على أموال المواطنين لا للتآمر عليها ، وحشد كافة الإمكانيات والجهود من أجل هزيمة الإنقلابيين وعودة السلطة الشرعية المختطفة إلى أهلها.