محمد المقدشي.. الحوثي المنشق الذي باع الشرعية من أجل المال والنفوذ
لا تعرف لغة المليشيات إلا القتل والفساد والنهب والإجرام، وهو دستورٌ أقسم عليه الحوثيون الانقلابيون، لا سيّما قادتها الذين يحرصون فقط على جني الأموال وتوسيع دوائر النفوذ.
أحدث المواجهات الحوثية - الحوثية في هذا الصدد تمثّلت في إقدام محافظ ذمار المُعين من قِبل الانقلابيين محمد حسين المقدشي لتقديم استقالته، وذلك إثر صراعٍ على المناصب والنفوذ وجني الأموال.
استقالة المقدشي وردت في بيانٍ أصدره أمس، واتهم فيه قادة المليشيات بالفساد، وهي حقيقة لم تكن في حاجة لأنْ يؤكِّدها المحافظ الحوثي.
مصادر قبلية كشفت معلومات مثيرة عن هذا المحافظ المستقيل، وفق أحاديث لصحيفة الشرق الأوسط، قائلةً إنّ المشرف الحوثي في ذمار فاضل المشرقي،ومعه عدد من القيادات المنتمية إلى سلالة زعيم الحوثيين، قاموا بتهميش المقدشي، وإطاحة المسؤولين المحليين المحسوبين على حزب المؤتمر الشعبي كافة، وتعيين موالين خلفاً لهم رغماً عن المحافظ المستقيل.
المصادر أوضّحت أنَّ المقدشي يعد من زعماء قبيلة عنس، من كبرى القبائل اليمنية، وهو بخلاف كثير من أبناء عمومته المناصرين لـ"الشرعية"، واختار تقديم الولاء لزعيم المليشيات الحوثية، ظناً منه أنَّه سيستطيع خدمة أبناء محافظته في ظل حكم الانقلاب الحوثي بشكل أفضل، ويحافظ على مصالح قبيلته.
المقدشي في بيان استقالته، استعرض إنجازاته في المحافظة منذ توليه المنصب، وقال إن جهوده اصطدمت بظهور عوائق وعقبات لا مبرر لها، تصاعدت لتصل لحدود مبالغ فيها، لدرجة افتعال أزمات، وخلق إشكاليات الهدف منها إثارة الفتن والخلافات.
وأضاف: "ظلت الأمور تسير في جهة واحدة نحو المجهول، وظهرت معها عمليات فساد وتحول مفاجئ لأشخاص لهاوية الفساد، وجني مكاسب شخصية، واختلالات في العمل الإداري في المكاتب، وتدخلات غير منطقيه في الاختصاصات، والأخطر من كل ذلك الانحراف الكبير لبعض المديرين والمسؤولين"، في إشارة إلى قادة الجماعة الحوثية القادمين من صعدة.
واتهم المقدشي، القيادات الحوثية بأنهم يعملون لمصلحتهم الشخصية، ويتخلون عن خدمة السكان، وقال إنه أصبح عاجزاً عن القيام بمهامه، ووصلت الأمور معه إلى حد لا يطاق، بعد أن تصاعدت الاختلالات، وأصبحت «خارج المعقول.
وأوضح أنّ كثيراً من مهامه خرجت من صلاحيته، وتفاقم العبث والعشوائية، لدرجة أنه أصبح عاجزاً عن إقالة أو عزل الموظفين الفاسدين، مشيراً إلى تشكل قوى جديدة في المحافظة، في إشارة إلى المنتمين إلى سلالة الحوثي، وقال - بحسب الصحيفة - إنّ هناك قوى استحدثت وتكونت داخل المحافظة لتكوين لوبي فساد للسيطرة والتحكم على موظفي ومسؤولي وقيادة المحافظة، والتحكم في سلطة المحافظة وتسييرها.
المصائب يبدو أنّ القدر اختار ألا تأتي فرادى على المليشيات، فالبركان الذي فجَّرته استقالة المقدشي وأسبابها جاء بالتزامن مع تصعيد ألهبة صراع الأجنحة الذي يعصف بمعسكر الانقلابيين في الآونة الأخيرة.
فأمس الجمعة، تمَّ الكشف عن بلوغ هذا الصراع مرحلة بالغة، حيث تعرَّض وزير الدفاع في حكومة المليشيات (غير المعترف بها) اللواء ركن محمد العاطفي لمحاولة اغتيال في صعدة، فيما لا يزال مصيره مجهولاً.
وكشفت مصادر مطلعة، أنَّ هناك صراع أجنحة بين قيادات المليشيات لما يسمى بجناح صنعاء ومشرفي صعدة، وقالت إنّ مشرفي صعدة بقيادة عبدالله عيضة الرزامي وبدعم من عبدالكريم الحوثي وبتوجيه من عبدالملك الحوثي يسعون لفرض سيطرتهم الكاملة على كل مؤسسات الدولة وإقصاء جناح صنعاء الذي يتهمونه بالولاء للرئيس السابق علي عبد الله صالح وارتكاب قضايا فساد كبيرة والعمالة للشرعية.
وأضافت المصادر أنّ توجيهات عبدالملك الحوثي لأتباعه تقول "لا تثقوا بقيادات صنعاء وقبائلها عسكريين ومدنيين خونة فمن يجري وراء المال ويخون شرفه العسكري غداً سيحصل على المال يخوننا ويجب تصفيتهم قبل أن يتحولوا إلى خنجر".
ويحاول الحوثيون، بحسب المصادر، استدراج القيادات الكبيرة إلى الجبهات المشتعلة وبخاصةً صعدة والضالع بحجة رفع المعنويات المنهارة لمليشياتهم لكنه تتم تصفيتهم بنيران صديقة.
وأجرى وزير الدفاع الانقلابي محمد العاطفي زيارة قبل يومين إلى المديريات الشرقية لمحافظة صعدة لكنه تفاجأ بقصف لمقاتلات التحالف العربي على موكبه ما أدى إلى مقتل عدد من مرافقيه ونجاته بأعجوبة، وعند خروجه من الأطراف الشرقية لصعدة تعرض موكبه لإطلاق نار من نقاط حوثية وسط تضارب الأنباء عن مصيره، حيث تتحدث مصادر أنه مصاب فيما أخرى تقول إنه قتل، غير أن مقربين من عائلته تحدثوا عن نجاته.
اللواء العاطفي كان يشغل قائد ألوية الصواريخ قبل الانقلاب، والمتهم الرئيسي بتسليم الصواريخ التي تمتلكها اليمن للمليشيات عقب السيطرة على صنعاء وكافأته بتعيينه وزيراً للدفاع.
وجاءت المواجهات التي يخوضها مشرفو المليشيات القادمون من صعدة بعد أيام من إعلان رئيس ما يُسمى "المجلس السياسي" مهدي المشاط عن عزم زعيمه عبدالملك الحوثي تصفية المؤسسات اليمنية مما وصفهم بالفاسدين والعملاء.
وكثرت في الآونة الأخيرة الاشتباكات المسلحة التي تندلع بين الانقلابيين فيما بينهم والتي تسقط قتلى كثيرين، وتكشف حجم تصارع الأجنحة الذي يحكم هذا المعسكر الإرهابي.