ملاحظات حول لقاء عمان المرتقب

سألخص ملاحظاتي حول ما تشهده العديد من المواقع والمنابر الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي من تعليقات وتحليلات وإشهار مواقف فيما يتعلق باللقاء المزمع انعقاده في العاصمة الأردنية عمان بدعوة  من المركز الأوروبي للسلام، والذي من المزمع أن يشارك فيه عدد من القادة والناشطين الجنوبيين يتقدمهم الرئيسان علي ناصر محمد وحيدر العطاس وآخرون، سألخص ملاحظاتي في الآتي:
اولاً: لا بد من التوجه بالتحية والتقدير لمعهد السلام الأوروبي لاهتمامه بالشأن الجنوبي، وسعيه لجمع الناشطين الجنوبيين في سبيل الوصول إلى ما يمكن تسميته قواسم مشتركة تساهم في بلورة المزيد من المقاربات الجادة للانتقال بالقضية الجنوبية إلى واقع يتناغم مع معطيات الوقائع على الأرض ومع تطلعات الشعب الجنوبي في استعادة حقه التاريخي في تقرير مصيره بعيداً عن الوصاية والتبعية، هذه التطلعات التي لا يمكن مصادرتها أو القفز عليها، والتحية موصولة للإخوة المشاركين في الفعالية ممن يحملون هم الشعب الجنوبي بين حناياهم وفي وجداناتهم وممارساتهم.
ثانياً: إن مثل هذه اللقاءات هو أمرٌ اعتيادي ويحصل مع جميع البلدان والأطراف التي تدخل في شراكات أو مبادرات أو حتى خلافات ومنازعات، وهو ما يمكن أن يساهم قي تقريب وجهات النظر بين المشاركين أو تلك الأطراف السياسية التي يمثلونها، وما لم ينجح في ذلك فلن يترتب عليه أية أضرار لأحد.
ثالثاً: مثل هذا اللقاء لن تترتب عليه أي التزامات أو عقد اتفاقيات، فهي مجرد خطوات لبناء شكل معين من أشكال التقارب والثقة بين المشاركين فيها، أما المؤسسات والمراكز التي ترعى مثل هذه اللقاءات فقد تكون لها أهداف اخرى مثل استجلاء الآراء والقيام بأعمال تحليلية وبحثية قادمة في سياق أعمالها الأكاديمة المتنوعة والمتعددة.
رابعاً: إنني أدعو الجميع إلى المساهمة الفاعلة في هذا اللقاء ليس رغبة في صناعة مخرجات خارقة أو بناء منجزات مما لم يحققها الجنوبيون على الأرض ولكن للبحث عن القواسم المشتركة وتقديم المشورة للشركاء الدوليين وكشف ما يجهله هؤلاء الشركاء من تفاصيل وتعقيدات القضية الجنوبية، وطمأنتهم أن الجنوب القادم لن يكون تكراراً لإخفاقات وشطحات الماضي، لا القريب ولا  البعيد، وأن الجنوبيين يتطلعون إلى دولتهم المدنية الديمقراطية اللامركزية العادلة والقائمة على النظام والقانون والمؤسسات، الدولة الشريكة في السلام والديمقراطية والبناء الاقتصادي وبناء قيم التعايش والتسامح والتعاون مع الشركاء الدوليين في محاربة الإرهاب والتطرف والتمييز.
خامسا: أعلم جيداً أن المشاركين في هذا اللقاء يحملون مشاريع وآراء ومواقف مختلفة، لكن يقيني أن تبادل الحجة واحترام التباين والبحث عن المشتركات سيساهم في صناعة تقارب يمكن أن يساعد على تجاوز العقبات التي معظمها مصطنع وربما مزروع من قبل من لا مصلحة لهم في حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً، ولأنني أؤمن بقدر من الواقعية فلا يمكن الادعاء بأن المشاركين سيخرجون بموقف موحد تجاه القضايا التي سيقفون أمامها، كما لا يمكن استبعاد حدوث شيء من المشاغبات وافتعال المواجهة، لكن هذه الأعراض لا يمكن أن تلغي الأهمية لمثل تلك الفعاليات التي مهما صغر شأنها (أو كبر) لا يمكن أن تلغي قييمة الحوار واحترام التباين وحق الاختلاف.
أتمنى للأساتذة والزملاء والأصدقاء وجميع المشاركين في هذا اللقاء التوفيق في تقديم ما يخدم قضية شعبنا وليس ما يخدم مصالح من دمروا شعبنا ودولتنا على مدى ربع قرن ونيف من الزمان.