همس اليراع

الظلم على الجنوب

قال صديقي مستغربا: ما الذي تغير؟ وكيف صرتم تطالبون بالانفصال وأنتم من كنتم تطالبون بالوحدة اليمنية عند ما كان أكثر الشماليين يرفضونها؟
قلت له الجواب سهل، لأن الوحدة فشلت ولأن ما هو قائم هو نتائج غزو وحرب مصحوبة بفتاوي تجيز قتل كل جنوبي بما في ذلك الأطفال والعجزة والنسوة.
استشاط زميلي غضبا لكنه ابدى بعض التماسك فعقب متسائلاً: إلى متى ستظلون تكررون هذه الحجة بعد ربع قرن على حصولها، بينما تتحدثون عن التصالح والتسامح؟
قلت معتذرا:عفوا يا صديقي! انت تخلط بين أمرين مختلفين كل الاختلاف، التصالح والتسامح يقوم بين أطراف أقرت بأخطائها تجاه بعضها البعض، وهو يتأسس على قناعة مشتركة بين المتصالحين المتسامحين، لكن لا يمكن ان يتم بين القاتل والمقتول، بين من أفتى بجواز القتل وبين ضحية القتل كما لا يمكن ان يكون بين من نهب المنزل أو الارضية أو قتل أبناء الناس، وبين صاحب المنزل او الارضية المنهوبين، او اسرة القتيل، وباختصار، لا يمكن أن يقوم التصالح والتسامح بين من دمر دولة بكامل قوامها وحولها إلى غنيمة حرب، وبين مواطني تلك الدولة الذين فقدوا هويتهم وكيانهم وأرضهم وثرواتهم ومنجزاتهم، وكل ما له صلة بكينونتهم قال لي صديقي بما يشبه العصبية: أنتم تتكلمون عن المظالم ما بعد ٩٤م وكأن نظامكم السابق كان ملائكياً، لقد ظلمتم الناس وصادرتم أموالهم، وشردتم رجال الأعمال، وقتلتم العلماء وقزمتم المشائخ والوجهاء وكبار القوم،. . . . أليس هذا ظلماً؟
قلت له لن اناقشك في الخطأ والصواب في كل ما قلته، وسأفترض افتراضا أنه صوابا كاملاً، فهل هذا يبرر ما فعلتموه في ربع قرن من الإقصاء والتدمير والسلب والنهب لشعب بكامل سكانه وارضه وتاريخه؟
صديقي ذكرني بتلك الزوجة التي تشاجرت مع زوجها لأنه يقسو في معاملة الأطفال فيضربهم ويعنفهم عندما يخطئون، لكنه لا يسمح لها بضربهم وحبسهم وتعذيبهم وجلدهم وكيهم بالنار عندما لا يروق لها سلوكهم.