رأي حول بيان الانتقالي ومنطق لما بعده..!

يعشق الجنوبيين التفسيرات والمقاربات نتيجة تلهفهم لأي انجاز وخطوات سريعة، ما يجعلهم يطلقون أوصاف قد تكون مستعجلة في ظل مرحلة  سياسية معقدة جداً ولها ارتباطاتها على المستويين الاقليمي والدولي..

لكنني أعتقد أننا لسنا بحاجة الى خطوات سريعة، بل الى العمل  خطوة وبعدها خطوة ثابتة وهذا هو الأفضل في مرحلة حساسة ومتداخلة، ففي السياسة يجب دراسة كل الظروف المحيطة والمتعلقات بكل خطوة..

رأيي في بيان المجلس الانتقالي الاخيرمساء 15 أغسطس 2019،  بانه ملامح لخارطة طريق المرحلة القربية القادمة، وليس خارطة طريق..

أو بمعني.. انه ليس كما يراه البعض بأنه " اعلان دستوري" وأيضاً ليس أقل منه في حال استجدت ظروف معينه او اي تطورات مثل.. فشل الخارج في التعامل مع الواقع الجنوبي الجديد او فشل في وضع حلول مناسبه بعيداً عن نماذج واليات انتهت الى غير رجعة والتي كانت ما تسمى الشرعية تتعامل بها مع الوضع بالجنوب..

وأعتقد ان البيان يحمل طمأنة للداخل الجنوبي بان لا يقلقوا مما يسمى" الفراغ الحكومي" الذي تروجه وسائل اعلام مأزومة حيث الفراغ مستمر منذ 5 سنوات صبر عليها الشعب الجنوبي حتى  فاض به الصبر.

  وفي نفس الوقت هو رسالة للخارج بأن الانتقالي قادر على إدارة الجنوب في حال لم يتوصل حوار جدة الذي دعت له المملكة العربية السعودية.

باختصار.. البيان يجعل حوار جدة امام فرصة تفاهم ونقاش دون اي اشتراطات من الشرعية، وفي حالة فشل الحوار، فالانتقالي لن يترك الامور هدرا، بل خارطة المرحلة القادمة موجودة بالجنوب موجودة، وسيتم تفصيلها في حينها، والعمل وفق الاليات المدروسة الجاهزة. 

اي.. إما ان يكون حوار جدة ناجح ويتم إدارة شؤون الجنوب بأيدي جنوبية وطنية ونظيفه غير محسوبه على احزاب الفساد والفشل وعصابات النهب وتحت شرعية هادي، أو ان الشرعية الشعبية التي عبرت عنها مليونية التمكين والثبات هي من ستبطبق في الجنوب. 

يجب ان يتم تطبيق خطط امنية عاجلة، لإيقاف اي مسلسل او مخططات للاغتيالات والاعمال الارهابية، وفي نفس الوقت يجب ان تستمر المعركة ضد مليشيات ايران بوتيرة عالية، وعلى القوات الجنوبية حشد طاقاتها بعد استراحتها استراحة محارب..

والمطلوب هو..

 من اشقائنا في المملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي، تفهم خطورة المرحلة، وأهمية التعامل مع الواقع، دون اي التفاف او مهاترات قد تقود الأمور الى الفوضى، او تؤثر على مسار معارك القوات الجنوبية ضد مليشيات ايران..

المملكة أمام مهمة تأريخية، في اثبات رؤية واقعية تجاه الجنوب مرحلياً على الأقل وحصول الجنوب الذي يضحي بكل شيء لأجل معركة السعودية على تطمينات سعودية، كما هي أي - السعودية - امام مهمة اثبات إمتلاك رؤية  استراتيجية بعيداً عن ضغوط الاخونج او الشرعية المنتهية فعلياً والمملكة تدرك ذلك..

من الأهمية ان تعمل المملكة بسياسة أخف الضررين، فأهمية حماية الجنوب من الارهاب وترتيب أوضاعه، مهم جداً لتحقيق انتصارات جديدة في جبهات التصدي والقتال ضد مليشيات الحوثي، وسيؤدي ما حدث بالجنوب، لترتيب أوضاع الجبهات، وإصلاح الاختلالات التي رافقت فشل التحالف في التقدم بجبهات الشمال نتيجة خيانات الاخونج.

الخراب الذي اوجدته الشرعية في عدن خلال خمس سنوات، أثر كثيراً على سير المعارك في الشمال، من خلال التأثير السلبي على الحواضن الشعبية شمالاً التي كانت تنظر لنموذج محافظات الجنوب المحررة والفشل الحاصل وتخاف من اي مساندة لقوات المقاومة او الجيش الوطني. 

وبالنسبة لإستقلال الجنوب، هو هدف حقيقي وليس مجرد اعلان، أي انه لابد من حوار ندي بين الشمال وبين الجنوب وبرعاية اممية، يفضي الى تفاهم حول فترة انتقالية على الاقل لعودة دولة الجنوب لاستقلالها، وهذا يتطلب حوارشمالي شمالي لأجل لملمة صفوف شمال اليمن المشتتة والمتناحرة.

ملاحظة: 

البعض من سياسيي الزمن الغابر او المتسيسن يرددون ان الجنوب لن يستعيد دولتهه ولكن سيكون مثل نموذج " صوماليلاند" او " كرستان العراق".. 

وفي الحقيقة لا ينطبق وضع الجنوب شكلاً ومضموناً مع النموذجين المذكورين، فالجنوب كان دولة، مضاف لذلك اهميته الجيواستراتيجية في ظل الصراع الاقليمي الذي يجعل السعودية في خطر الالتهام الايراني في حال تعرض الجنوب لأي خطر او بقي في وحدة يمنية، ايضاً تماسك الشعب الجنوبي وتمسكه بحدود دولته، يذيب اي تكهنات حول بقاء الجنوب في نموذج كردستان او صوماليلاند.

ومثلما قلنا سابقاً.. فاستقلال الجنوب، قد يصبح أمراً استثنائياً، خاصة بعد الوعود التي قطعها مرشد ايران لجماعة مليشيات ايران الحوثية اليمنية الشمالية، بالحفاظ على الوحدة اليمنية، وهي اي الوحدة التي تريد ايران استخدامها لضرب السعودية والخليج ومصالح العالم من باب المندب وتحت اسم الوحدة اليمنية.