حبه حبه يا سلطان
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
تابعت مثل غيري بيان هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني، وما احتواه من تهجمات وتهديدات وتصنيفات لشعب تعداد ستة ملايين على أنهم انقلابيون، وأن مطالبهم المشروعة تصب لخدمة المشروع الحوثي الإيراني وهم من هزم هذا المشروع وحدهم حينما كان رئيس مجلس النواب ومعظم أنصاره من الأعضاء منخرطين في هذا المشروع السلالي البغيض، وامتد الأمر إلى توجيه التهديد والأوامر لرئيس الجمهورية بما ينبغي أن يعمله وما لا يعمله، بما كشف أن رئاسة مجلس النواب (وبالأحرى رئيس المجلس) ما يزال يعيش عقلية ما قبل 2011م ، وقد بلغني أن بعض الفقرات الواردة في البيان لم يطلع عليها جميع أعضاء هيئة الرئاسة.
وأذا ما صدقت التسريبات المتعلقة بما دار في اجتماع أركان الشرعية في الرياض برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي والتي تقول أن الزميل سلطان البركاني قد تهجم فيه على فخامة الرئيس واتهمه بالتحيز إلى المجلس الانتقالي وتأييد ما يسمونه "الانقلاب" وما نجم عن كل ذلك من انسحابات وردود أفعال واختتام الاجتماع بما يشبه الفشل، فإن هذا يحمل مجموعة من الدلائل التي يمكن استنطاقها من معرفة أمور قد لا تتعلق بالحدث ذاته ولكن بطبيعة المنخرطين فيه.
لا تهمني كثيرا التفاصيل لكنني شخصيا أستطيع أن أجزم بيقينية كاملة صحة هذه التسريبات، لمعرفتي الدقيقة لمسلك الزميل البركاني ومنهاجيته في التخاطب وطريقته في عرض أفكاره وتصرفاته، لكن ما يمكن استنطاقه من هذه الحادثة يمكن تلخيصة بالتالي:
• لقد جاء بيان هيئة رئاسة مجلس النواب التي يرأسها الزميل "أبو مصعب" ليعكس نفس عقلية رئيس الكتلة المتعجرف الذي يصارع طواحين الهواء، ليتحدث عن أحداث عدن من منطلق "المؤامرة" واستهداف "الوحدة" و"الجمهورية" والثورة" وتلك المفردات التي ظلت ترددها المطابخ الاستخباراتية كلما خرج جائع يشكو جوعه وعاطل عن العمل يشكو بطالته، ومظلومٌ يئن من وطأة الظلم، ويبدو أن زميلنا لم يتعلم لا من ثورة الحراك السلمي الجنوبي ولا من ثورة 2011م السلمية، ولا من المقاومة الجنوبية للمشروع الحوثي الذي كان شريكاً فيه، وإنه ما يزال يستدعي لغة الأمن السياسي والأمن القومي وهو يواجه إرادة ستة ملايين جنوبي ممن يرفضون أن يتحكم فيهم غزاة 1994م وغزاة 2015م بعد كل الدماء والأرواح التي قدموها على محراب حريتهم وعلى طريق بناء مستقبلهم الحر.
• إن ما ورد في التسريبات يتناغم مع بيان هيئة الرئاسة ولا يختلف عنه إلا في موقع ما حدث وإن الأخ سلطان البركاني ما يزال يتعامل مع الرئيس عبد ربه منصور هادي على إنه نائب فخري لرئيس الجمهورية، ويالتالي فإن مقام رئيس الكتلة أعلى من مقام نائب الرئيس، وقد كنت شاهداً على حوادث مشابهة لما تسرب عن سيناريو الاجتماع، عندما كنا في لجنة الثلاثين، المشتركة بين المؤتمر والمعارضة في العامين 2009 ـ 2010م أما وقد أصبح الرجل رئيسا للبرلمان بديلا لزميله يحي الراعي ونداً له فليس من المستبعد أن يصدر عنه أكثر مما تسرب.
• الزميل سلطان ينسى أنه كان أحد أساطين "الانقلاب الحقيقي" الذي جرى في العام 2014م، وقد ظل طوال أربعة أعوام ينادي بما ينادي به الانقلابيون الحوثيون، ولم يتذكر الشرعية إلا بعد عدة أشهر من مقتل زعيمه على يد حلفائه القتلة، فجدير به أن يكف عن إسقاط كل عمل شعبي ينادي باستعادة الحق على ما شارك فيه في 21 سبتمبر 2014م.
• وليتذكر الزميل سلطان ومعه كل الذين يشبهون مطالب بالشعب الجنوبي بما ارتكبه الحوثيون وصالح في العام 2014م، ليتذكروا أن الجنوب كان حتى العام 1990م دولة كاملة السيادة على أرضها، وليس صاحب "مشروع صغير" كما يقول الذين يعصبون على عيونهم ويتعامون عن رؤية الحقيقة، عندما يتعلق الأمر بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم وتقرير مصيرهم واختيار مستقبلهم الحر.
• لا أقول لزميلي سلطان، ما قيل له في الاجتماع عينه، إن اذهب وحرر دائرتك الانتخابية من التمرد الانقلابي الحوثي ثم تحدث عن عدن والجنوب، لكنني أقول له إذهب إلى عدن وادع أنصارك ونظموا فعالية بكم ما استطعت أن تحشد من المواطنين المؤيدين لمشروعك، وسأضمن لك السلامة والحماية من قبل قوات المقاومة وقوات الأمن الجنوبية، وحينها يمكن أن تتحدث بما تشاء عن مصير الجنوب الجنوبيين.
الزميل سلطان البركاني لك يكمل أربعة أشهر على جلوسه فوق كرسيه في مجمع الشرعية، ولم يتعرف بعد على البيئة الجديدة التي جرت منذ يوليو العام 2015م لذلك ننصحه بالتروي والتأني ودراسة المشكلات من جذورها وسبر أغوارها والكف عن استدعاء مفردات الفترة ما بين 1994م و2015م، أو لنقل له ما يقول العامة "حبه حبه يا سلطان"