همس اليراع

شبوة . . . هل حسمت المعركة؟؟!!

نتحدث عن شبوة في أجواء حرب معلنة شهدها القاصي والداني بين قوة أمن محلية يقف وراءها شعب بكامله من أقصى الجنوب إلى أقصاه، وجيوش جرارة أصاب أسلحتها الصدأ منذ سنوات في مواجهة من أنشئت لمواجهتهم لكنها تنمرت في ليلة وضحاها لتكشف عن كل ما تتمتع به من وحشية وبهيمية عرفها الجنوبيون في 1994م وعلى مدى أكثر من ربع قرن، وإن اعتقد البعض أنها كانت صناعة حكرية للزعيم المخلوع.
ليس بودي التوسع في معطيات القضية فالتاريخ سيكشف عن تفاصيل كثيرة وفضائح أكثر تتخلل ما جرى في شبوة فلا داعي للعجلة في استقراء كل جميع جزئيات المشهد، لكن بودي الإشارة إلى جملة من الحقائق التي كشفت عنها أحداث شبوة على مدى أربعة أيام دامية أهمها:
1. لا يمكن الحديث عن منتصر ومهزوم في معركة شبوة ، وكنا قد قلنا ذلك عند حسم المواجهة في عدن، لكن الطرف الذي اعتقد أنه هُزِمَ في عدن ذهب لينتقم من شبوة وأبنائها، وبالتالي فثنائية (المنتصر ـ المهزوم) هي خدعة بصرية للواهمين، لأن (المنتصر) مهزوم ولو بعد حين، وما تجربة 1994م عنا ببعيدة لمن يستذكرون دروس التاريخ وعِبَرَه.
2. إن أكذوبة الصراع "الجنوبي ـ الجنوبي" قد سقطت في معركة شبوة وتجلت بوضوح حقيقة أن الصراع هو بين الشعب الجنوبي بأغلبيته المطلقة وبين ناهبي الثروات ولصوص التاريخ وهي مهنة وافدة على الجنوب، تعلمها بعض الطفيليين الجنوبيين، تبرعاً لخدمة أسياد وافدين، وقبلوا على أنفسهم أن يكونوا أدوات ليمثلوا الجنوب في مهرجان النصب والتزييف واللصوصية، مقابل بعض الفتات الذي سيحصلون عليه من محترف اللصوصية الأوريجينال.
3. أعتقد أن الأشقاء في التحالف العربي وبعد معركة شبوة قد اكتشفوا حقيقة الأعذار التي ظل قادرة (الشرعية المخطوفة) يتحججون بها عند سؤالهم، لماذا لم تتقدموا شبراً واحدً بعد فرضة نهم؟ الجواب بكل الوضوح، أن التحالف اليمني (لخطف الشرعية) ليس على عداء مع الحوثي وجماعته، فهو ابن جلدتهم وشقيقهم وسيتوصلون معه إلى حل، وبعضهم قد زار صاحب الكهف إلى كهفه واتفق معه على تنسيق المواقف والجزء الآخر لم يلتحق بصف الشرعية إلا بعد أن تحالف مع صاحب الكهف على مدى ثلاث سنوات وهناك من قاتل في صفوف قواته، ومن أعلن جهاراً خصومته مع الشرعية ومع دول التحالف وأن التحاقهم بصف التحالف ليس سوى مرحلة مؤقتة وعندما يتممون الصفقة مع الحوثي سيعودون إلى سيدهم.
4. ومجددا أن الجيش المدرب المحترف المكون من مئات الآلاف من القادة والجنود والذي يقف على بعد 30 كم من صنعاء ولم يطلق طلقةً واحدةً على الحوثي ولو للتذكر بأن مهمته هي محاولة استعادة العاصمة صنعاء، ثم ينفجر عنفوانا وقوةً ليزحف على مدينة مثل عتق تبعد مئات الكيلو مترات عن منطقة تمركزه، ليحررها من أهلها، إن هذا الجيش بهذا الفعل ليقدم دليلاً لا يحتاج إلى أي ذكاء ليكشف أن (الشرعية المخطوفة) ليس لها عدو غير الجنوب، وهي تعاقب الجنوب لأنه عراها وكشف زيف مواقفها عندما حرر 3375000كم مربع من الإرهاب الحوثي والداعشي في ثلاثة أشهر في حين عجزت تلك الجيوش الجرارة عن تحرير محافظة واحدة كاملة في خمس سنوات.
5. للتذكير فقط، إن النخبة الشبوانية هي من أخرج الجماعات الجهادية الداعشية والقاعدية، ورجالاتها هم من تولوا تحرير مناطق شبوة من الجماعة الحوثية في حين كان من هاجمها اليوم يتغنون بالأغاني الحوثية، ويستلمون الإعانات والدعم ليحولوها إلى أرصدتهم البنكية في الخارج.، فمن يعتقدون أنهم هزموا النخبة الشبوانية إنما انتقموا للجماعات الحوثية والتنظيمات الإرهابية التي هزمتها النخبة.
6. إذا صدقت المشاهد التي يتداولها ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي عن انتشار مجامع من داعش وأنصار الشريعة وجماعات حوثية تقاتل إلى جانب القوات القادمة من مأرب فإن هذا يضيف معطىً جديداً على المحللين والمراقبين دراسة أبعاده ومدلولاته.
7. أخيرا لمن يعتقدون أنهم بالسيطرة على بعض مناطق شبوة قد بلغوا نهاية التاريخ، أن يعلموا أن العدوان الذي تعرضت له المحافظة على يد نفس من غزوها عام 1994م لا يصنع تاريخ ولا يبني دولة، كما إن المشاهد المقززة التي انتشرت لجنود حكوميين وهم يمثلون بجثث الشهداء من النخبة الشبوانية، لا يمكن أن تعبر عن دولة تتجه لبناء مجتمع متحضر يعمه السلام والوئام.
وباختصار لا تأخذنكم نشوة النصر الموهوم بعيداً فأبناء شبوة الأباة لا يمكن أن يذعنوا لمجموعة من النهابين والباطشين والمتعجرفين الذين لا هم لهم إلا تصفية الحسابات مع أهلهم حتى لو استقدموا ألد أعداء هؤلاء الأهل والمستقبل يبدأ اليوم.