همس اليراع

هجوم بقيق ـ خريص والعاشق الكذاب

مثّل الهجوم الذي تعرضت له المعامل النفطية السعودية في منطقتي بقيق وخريص شرق المملكة العربية السعودية تحولا خطيرا في مسار المواجهة بين المشروع العربي والمشروع الفارسي، التي تتخذ مظاهر شتى في أكثر من منطقة عربية.
لا شك أن لهذا الهجوم مضاعفاته ونتائجه السلبية ليس فقط على الاقتصاد السعودي والخليجي، لكن على العلاقات السياسية والاقتصادية الدولية، وهي المضاعفات والنتائج التي لن تنمحي إلا بعد أشهر وربما سنوات.
هذا الهجوم ليس معزولا عن المواجهة الشاملة التي أشعلتها إيران من خلال وكلائها في مناطق الاضطرابات السياسية والعسكرية في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وصولاً إلى ليبيا ومناطق عربية أخرى، وإن بصورٍ أقل حدة.
وبغض النظر عما إذا كان مصدر هذا الهجوم هو اليمن أو غير اليمن فإن المهمة كانت إيرانية والأدوات إيرانية والأهداف إيرانية والمنفذون هم وكلاء إيران سواء مارسوا المهمة في اليمن أو غير اليمن، لكن الأهم من هذا هو هل تستطيع إيران التحكم في تداعيات ومضاعفات ما بعد الهجوم؟ وهل يعتقد الإيرانيون أنهم لن يحصدوا من أعمال ومغامرات كهذه سوى الاسترخاء والأمان والسكينة؟
إن ما يثير التعجب والاستغراب هو ذلك التحمس لدى جماعة الحوثي لإعلان مسؤوليتها عن تنفيذ هذا الهجوم، الذي يمثل انتهاكاً لقوانين الحرب والسلم على السواء.
تشير القرائن والمعطيات إلى أن منطقة انطلاق الهجوم وأهدافه والأدوات المستخدمة فيه أبعد من أن تكون في متناول الجماعة الحوثية (وكلاء إيران في اليمن)، لكن الحوثيين بردود أفعالهم هذه يذكروننا بذلك "العاشق الكذَّاب" الذي يتباهى بمجرد أن يغمز له أحد بالاتهام بأن له علاقة مع المعشوقة فلانة أو الغانية علَّانة، ويلخصها العامة بمقولة "العاشق الكذاب يفرح بالتُّهَم" حيث يشعرون بالسعادة باتهامهم بهذه الجريمة، لكنه سيخرسون في الغد عندما تكشف التحقيقات أن الجريمة أعدت ونفذت من منطقة غير اليمن كإيران والعراق أو غيرها وإن كانت في كل الأحوال بتوجيهات وأدوات إيرانية.