رحلات الدم.. كيف يصطحب الحوثيون أطفال المدارس إلى الجبهات؟
في جريمة تُضاف إلى سلسلة طويلة من الجرائم التي طالت الأطفال في اليمن، تُخطِّط مليشيا الحوثي لتسيير رحلات لطلبة المدارس الواقعة بمناطق سيطرتها إلى جبهات القتال.
مصادر مطلعة كشفت أنّ المليشيات الحوثية وزَّعت منشورات تدعو فيها الطلاب في مدارس صنعاء إلى المشاركة فيما أسموها "رحلات ترفيهية ومجانية إلى جبهات القتال".
في الوقت نفسه، استمرّت المليشيات في ممارساتها الطائفية الإرهابية من خلال فرض شعارات وأنشطة تخدم فكرهم ونشر ما يسمى بـ"الثقافة القرآنية"؛ المستقاة من محاضرات زعيم "الجماعة الحوثية" والتي تعد أفكار طائفية تغذي الكراهية وتشجع على العنف.
وارتكبت المليشيات الحوثية الكثير من الانتهاكات ضد الأطفال، عبر سلسلة طويلة من الإجرام الطائفي الذي أغرق مئات الآلاف في أزمة إنسانية لم يرَ العالم مثلها.
ويعتبر تجنيد الأطفال وإرسالهم إلى جبهات القتال الجريمة الأكثر بشاعة في الحرب الحوثية التي استهدفت الأطفال على مدار سنوات الحرب.
وكشفت إحصاءات رسمية أنّ المليشيات الموالية لإيران جنَّدت نحو 30 ألف طفل لإشراكهم في المواجهات الدائرة خلال الحرب العبثية التي أشعلتها في صيف 2014.
وسبق أن بيّنت مصادر قبلية ومحلية في محافظة إب أنّ المليشيات شرعت في تنفيذ حملة تجنيد إجباري في ثلاث مديريات بالمحافظة بهدف ضم ثلاثة آلاف مقاتل ممن هم دون الثامنة عشرة إلى صفوف مقاتليها.
المصادر قالت إنَّ الحوثيين عمَّموا قبل شهرين على مسؤوليهم في مديريات حزم العدين، والقفر، وحبيش، إطلاق ما يسمونه "دورات تثقيفية" لفئة العمرية ذاتها، كإجراء لتجنيدهم طوعاً بناء على أفكار دخيلة، مشيرةً إلى أنّ الحملة يقودها مشرف المليشيات بالمحافظة صالح حاجب، والمشرف الأمني المدعو أبو كاظم.
وعمّم الحوثيون توجيهًا عبر مكبرات الصوت في المساجد والسيارات المتنقلة بأنّه "على كل أسرة لم يشارك أبناؤها في القتال سابقاً أن تقدم أحد أبنائها إلى مراكز التسجيل التي ستعمم على كل العزل، وفي حال الرفض ستعاقب الأسرة بغرامات مالية ومنع من الخدمات وسجن رب الأسرة بتهمة موالاة التحالف والشرعية. ولن يفرج عنه حتى يتم تنفيذ التوجيهات".
وتقول تقارير رسمية إنَّ مليشيا الحوثي دمّرت حياة أكثر من أربعة ملايين طفل، ودفعت معظمهم إلى البحث عن عمل جرّاء ظروف الحرب التي شنتها مستغلة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المتردية للأسر، والدفع بهم إلى جبهات القتال وإغرائهم مالياً لإعالة أسرهم والالتحاق بصفوف المليشيات والزج بهم إلى محارق الموت.
وفي نهاية 2018، اعترفت المليشيات بأنّها جنّدت أكثر من 18 ألف شخص، وقد جاء ذلك على لسان قيادي حوثي كبير تحدّث لوكالة "أسوشييتد برس" التي قالت بدورها إنّ هذا الرقم أعلى من أي رقم تم الإبلاغ عنه سابقًا، حيث تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من 2721 طفلاً تم تجنيدهم للقتال.
ونقلت الوكالة شهادات عن بعض الأطفال الذين أكدوا أنهم انضموا إلى الحوثيين وذلك بسبب الوعود بالمال أو بالفرصة لحمل السلاح، بينما آخرون وصفوا بأنهم مجبرون على خدمة الحوثيين وتم اختطافهم من المدارس أو المنازل أو أكرهوا على الانضمام مقابل إطلاق سراح أحد أفراد العائلة من المعتقل.
وأكد أطفالٌ وآباءٌ ومربون وأخصائيون اجتماعيون أن سياسة الحوثيين تجاه تجنيد الأطفال "حملة عدوانية تستهدف الأطفال، وليست دائمًا طوعية بالكامل".