اتفاق الرياض.. الانتقالي يُنجز أهداف المرحلة
اتفقت أغلب التحليلات بشأن اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية، المتوقّع توقيعه غدًا الخميس في العاصمة السعودية، بأنّ هذه الخطوة تمثّل نجاحًا للأهداف التي وضعها المجلس الانتقالي للمرحلة الراهنة.
معهد الشرق الأوسط في واشنطن اتفق مع هذا التقييم للاتفاق، قائلًا: "اتفاق الرياض يعترف بأنَّ المجلس الانتقالي هو كيان سياسي جنوبي وهو تغيير مرحب به بالنسبة له حيث سعت الحكومة لمحاولة تشويهه، وإدراج المجلس الانتقالي الجنوبي هو خروج مهم عن الموقف السابق للحكومة، والذي رفضت فيه الاعتراف بالمجلس تمامًا. ومع ذلك، سوف يتعين القيام بعمل كبير لتعزيز الثقة بين الطرفين، وهي القضية الرئيسية التي تهدد تنفيذ ومتانة اتفاق الرياض".
وأضاف أنّ الحكومة رفضت منذ فترة طويلة الاعتراف بالمجلس الانتقالي كسلطة سياسية وسعت إلى تشويه سمعته، وقامت بإنشاء مجموعات جنوبية منافسه انتهت بالفشل، إلا أنّ المجلس - وفق المعهد - سيكون له رأي مهم في الطريقة التي سيحكم بها الجنوب مما يعطيه دورًا نشطًا في الحكم المحلي والتنمية المحلية، ما سيؤدي إلى تحسين الخدمات العامة ونوعية الحياة، وإذا لم يتم ذلك فقد يؤدي إلى إحباط الجنوبيين وموجة جديدة من الاضطرابات.
المجلس الانتقالي شارك بفاعلية كبيرة في المحادثات التي استضافتها مدينة جدة السعودية مع حكومة الشرعية، وهو اتفاق حقّق الكثير من الإنجازات للقضية الجنوبية.
إيجابيات اتفاق الرياض عديدة، منها أنّه برهن على أنّ المجلس الانتقالي هو الممثل الوحيد والشرعي للقضية الجنوبية، وأنّه يعتبر قوة سياسية فاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو الأمر الذي حاولت حكومة الشرعية، المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، تشويهه ليل نهار.
في الوقت نفسه، فإنّ الاتفاق مكَّن الجنوب أيضًا من أن يضع قضيته على طاولة الحل المستقبلية للحل السياسي الشامل في اليمن، وهو أيضًا وضعٌ حاولت حكومة الشرعية، العمل على إفشاله كذلك، من خلال تهميش مطالب الجنوبيين والتستُّر وراء الحرب على المليشيات الحوثية، وهي حربٌ شهدت على تكاتف من قبل القوات الجنوبية مع التحالف العربي في خندق واحد، بينما ارتمى حزب الإصلاح المخترق للحكومة في أحضان الحوثيين.
المجلس الانتقالي، من خلال هذا الاتفاق، نجح في خطته المرحلية التي هدفت كما أعلن نائب رئيس المجلس هاني بن بريك في أكثر من مناسبة، أنّ استراتيجية المجلس في المرحلة الراهنة تتمثل في توحيد الجهود للقضاء على المشروع الإيراني.
هذه الفوائد السياسية، وهي عالية القيمة عظيمة الشأن، ليست إلا خطوة، وبات على المجلس الانتقالي أن يبدأ استراتيجيته التالية من هذه الخطوة، وأن يبني عليها كل خطواته التالية على طريق استعادة الدولة، بعدما قدّم الشعب الجنوبي الكثير من التضحيات وذاق الكثير من المعاناة بفعل ما تُسمى الوحدة.
ولسنوات طوال، عمل النظام الحاكم في الشمال على استهداف الجنوب بشتى السبل سواء عبر افتعال الأزمات أو ترويع السكان عبر تعاونٍ مع تنظيمات إرهابية أو تحطيم البنية التحتية للدولة، وهي صورٌ من معاناة ذاقها الجنوبيون لثلاثة عقود، وقد بات الآن من الضروري العمل على استئصال هذا الوضع المروّع.
ونجح المجلس الانتقالي في استراتيجية المرحلة الراهنة من خلال إيصال صوت القضية الجنوبية، وهو صوتٌ أصبح يصول ويجول شرق العالم وأدناه، وهو ما عبَّرت عنه صحيفة "جارديان" البريطانية التي قالت إنّ اتفاق الرياض يُعزِّز موقع المجلس في المعادلة اليمنية، بعد أن استبعد من مفاوضات السلام في أوقات سابقة.
ويثق الجنوبيون في قدرة المجلس الانتقالي، وهو الممثل الشرعي لقضيتهم العادلة، في الخطوات والاستراتيجيات التي سيسير عليها في المرحلة المقبلة من أجل تحقيق الحلم الجنوبي الأكبر وهو استعادة الدولة وفك الارتباط.