همس اليراع

عبدالكريم توفيق .. صاحب القلب الجريح في ذمة الله

فارق الحياة يوم أمس الفنان الكبير عبد الكريم توفيق صاحب واحد من أجمل الأصوات الغنائية اللحجية الأصيلة بعد مقاومة مع المرض امتدت لسنوات.
لا اعتراض على قضاء الله وقدره لكن  من الصعب الاقتناع بأن حكومة تصرف عشرات الآلاف من الدولارات لتساعد إحدى موظفاتها لتنظيم العادة الشهرية، تعجز عن معالجة وإنقاذ فنان يعادل ثروة وطنية عصية على التعويض كالفنان عبد الكريم توفيق.
لمع نجم الفنان عبد الكريم توفيق بنهاية الخمسينات ومطلع الستينات من القرن الماضي ضمن عدد من الأصوات اللحجة الشابة، أمثال المرحومين فيصل علوي ومحد صالح حمدون، ويسلم حسن صالح ومحمد عوض شاكر ومهدي درويش وأخرين كانوا كلهم تلاميذ المدرسة الفنية اللحجية التي أرساها الموسيقار والموسوعة الفنية الأمير أحمد فضل القمندان  وواصل بناءها المرحومين فضل محمد اللحجي وعبد الله هادي سبيت ومجايليهم من الشعراء والفنانين الكبار.
امتلك الفنان عبد الكريم صوتا جميلا وتفنن في ترديد المقامات الموسيقية العربية المختلفة من الرست والحجاز والسيكا إلى الصبا والبياتي وراحة الأرواح وغيرها ، وغنى للكثير من الشعراء المرموقين كالشاعر الكبير عبد الله هادي سبيت والشاعر مهدي حمدون والشاعر صالح نصيب وغيرهم وأبدع في تقديم الملاحم الفنية الجميلة مثل يقول لي الليل توب، وابو العيون السود، وياللي تركت الدمع، يقولوا لي الهوى قسمة، رخصة شل حبه، يا قلبي الجريح، تقول العين ذا ملكي، الله عليك يا شعبنا وغيرها من الأناشيد والأغاني الخالدة في سجل التاريخ الفني اللحجي والجنوبي.
وفاة الفنان عبد الكريم توفيق تمثل خسارة كبيرة للوسط الفني والثقافي لا يمكن تعويضها وكنت قد قرأت منذ أيام نداء توجه به الفنان نفسه يناشد فيه من يستطيع إنقاذه أن يفعل، وكان الكثيرون يعتقدون أن الحكومة "الشرعية" ستقوم بواجبها تجاه هذه الهامة الفنية الكبيرة.
لا أحد يعلم ماذا فعلت الحكومة لكن وفاة الفنان بعد أيام قليلة من هذا النداء توحي بأن مسؤولي الحكومة مشغولون بقضايا أخرى يرونها أهم من حياة فنان كبير بحجم ومقام الفنان الخالد عبد الكريم توفيق.
لك الرحمة أيها الفنان الكبير ولروحك الخلود في جنات النعيم ولذكراك المجد في سفر التاريخ المشرق لشعب كان ذات يوم يحترم الفن والفنانين ويكرم الإبداع والمبدعين ويحرص على سلامتهم وصحتهم ويسهل لهم القدرة على العطاء والإبداع.
وإنا لله وإنا إليه راجعون