القهر في مناطق الحوثي.. أموال طلابية تموِّل الحرب والطائفية

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 15:10:57
القهر في مناطق الحوثي.. أموال طلابية تموِّل الحرب والطائفية

تواصل المليشيات الحوثية، انتهاكاتها لقطاع التعليم بشكل مستمر منذ أن أشعلت حربها العبثية في صيف 2014، مُخلِّفةً وراءها واقعًا شديد البؤس.

ففي جريمة حوثية جديدة، أقدمت المليشيات على فرض إتاوات مالية على طلاب وطالبات المدارس في محافظة حجة، مقابل ما يسمى بـ"المجهود الحربي".

وقالت مصادر محلية إنّ الميليشيا الحوثية ألزمت مديري المدارس في مديرية الشاهل شمالي المحافظة، بفرض مبلغ ألف ريال على كل طالب وطالبة، وأوضحت أنّ المليشيات شكّلت لجانًا مسلحة تابعة لها للنزول إلى جميع مدارس المديرية لجمع الإتاوات من الطلاب.

وتستغل المليشيات الحوثية الطلاب والطالبات في مناطق سيطرتها لخدمة مصالحها ونفوذها، فقبل أيام حدَّدت المليشيات طلابًا تابعين لها بالإشراف على حضور الطلاب الجامعيين وطلاب الثانوية العامة، مهددين المتغيبين بالفصل وذلك بعد تحضير الطلاب الحوثيين لهم قبيل الاحتفال بذكرى المولد النبوي.

وتلقّى طلاب الجامعات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي، لا سيّما في صنعاء، تهديدات بالعقوبات التي ستطالهم حال تغيُّبهم عن الحفل، فيما أجبرت المليشيات، طلاب الثانوية العامة على تسجيل أسمائهم لدى رؤساء الفصول، للتأكّد من حضورهم.

كما فرضت المليشيات مبالغ مالية على إدارات المدارس الحكومية والأهلية والطلاب والطالبات، جبايات باسم المولد النبوي، حيث كشفت مصادر تربوية أنّ مليشيا الحوثي فرضت على جميع طلاب مدارس مديرية جبلة بمحافظة إب مبلغ 50 ريالًا دعمًا للمولد النبوي، وطالبت مدراء المدارس بتسليم المبالغ المالية إلي المركز التعليمي بالمديرية بحسب أعداد الطلاب الذين رفعت أسماءهم بكشوفات المدارس إلى مكتب التربية بالمديرية والمحافظة، وسط رفض طلابي واسع لتلك الجبايات واستياء كبير لدى أولياء الأمور جراء سطو المليشيات على مصروف أبنائهم.

ويبلغ إجمالي عدد مدارس مديرية جبلة 95 مدرسة بها 55000 طالب وطالبة، حيث تسعى المليشيات لجبايات عليهم تصل إلى ثلاثة ملايين ريال، وإجبار إدارة المدارس دفع مبلغ 50 ألف ريال على كل مدرسة من المبالغ التي تفرق على الطلاب للمعلمين الذين أوقفت المليشيا مرتباتهم للعام الرابع على التوالي.

ومنذ أن أشعلت المليشيات حربها العبثية في صيف 2014، لم يتوقف الحوثيون عن الممارسات التي تستهدف القطاع التعليمي، وتسعى من خلالها المليشيات السيطرة على المدارس وغرس سمومها الطائفية في عقول الأطفال عبر مناهجها وفعالياتها وأنشطتها المختلفة.

وفي الفترة الأخيرة، قررت المليشيات الحوثية تدريس مادة التربية الإسلامية من الصف الأول ابتدائي حتى الصف السابع إعدادي في جميع المدارس الحكومية والخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وبينما ادعت المليشيات أنّ هذه الخطوة جاءت بحجة عدم توفُّر المعلمين والكتب المدرسية، إلا أنّ القرار الذي أصدره يحيى بدر الدين الحوثي وزير التربية والتعليم في حكومة المليشيات "غير المعترف بها"، يهدف إلى وقف تدريس المادة حتى يستكمل الانقلابيون تغيير مضمونها وذلك من خلال حشوها بصبغة طائفية بشعة، تُعبّر عن التفسيرات الإيرانية، فيما يتعلق تحديدًا بالفقه والعقيدة.

في الوقت نفسه، فإنّ القرار الحوثي تضمّن كذلك الاكتفاء بتدريس مادة القرآن الكريم، وذلك من خلال تفسير حوثي خالص، تمّ اقتباسه من ملازم حسين بدر الدين الحوثي الذي عمل على تحريف وتغيير تفسير القرآن الكريم بناءً على مصالحه السلالية.

وإلى جانب الممارسات الطائفية بالمدارس من قِبل المليشيات الحوثية منذ أن أشعلت حربها العبثية في صيف 2014، فإنّ قطاع التعليم بشكل عام قد تضرّر بشكل حاد جرّاء الانتهاكات الحوثية التي تخطّت كل الخطوط الحمر.

وبحسب إحصاءات نقابية، فإنّ الانتهاكات التي أقدمت مليشيا الحوثي على ارتكابها، أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 معلم ومعلمة، وتعرُّض 2400 من العاملين في القطاع التعليمي لإصابات نارية مختلفة، نتج عن بعضها إعاقات مستديمة.

وهناك أيضًا أكثر من 32 حالة اختفاء قسري لمعلمين اختطفتهم مليشيا الحوثي من منازلهم ومدارسهم ولا يزالون مخفيين منذ سنوات، وكذلك قيام المليشيات الحوثية بهدم 44 منزلًا من منازل المعلمين في عدة محافظات.

ولم يسلم المعلمون في مناطق سيطرة الحوثي من التهجير أيضًا، حيث فرّ الآلاف من بطش واضطهاد المليشيات، وأصبحوا بلا مأوى أو عمل، الأمر الذي شكل معاناة أخرى لقطاع واسع من التربويين.

وهناك أكثر من تسعة آلاف تربوي من المعلمين النازحين لا يتقاضون مرتباتهم شهريًّا، ما جعلهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية في المعيشة والحياة، والمعلمون الذين نهبت المليشيات الحوثية رواتبهم، أصبحوا عاجزين عن المطالبة بحقوقهم خوفًا من أساليب القمع والبطش واعتبار من يطالب بحقوقه "خائن" و"طابور خامس".

وترتكب مليشيا الحوثي ممارسات طائفية حادة في قطاع التعليم، الذي يعتبر من أكثر القطاعات المتضررة من الحرب العبثية التي أشعلها الانقلابيون في صيف 2014، وقد كشفت بعثة الاتحاد الأوروبي باليمن أنّ نحو مليوني طفل لا يتلقون التعليم، وأنّ أكثر من ألفي مدرسة مدمرة بشكل كلي وجزئي جرّاء الحرب الدائرة.

البعثة الأوروبية شدّدت كذلك على ضرورة توفير الأسباب التي تدفع الأطفال للدراسة، وذلك للحد من مخاطر التجنيد والعمالة وكذلك الحد من تزويجهم في سن مبكرة، وأضافت أنّ الهجمات والغارات الجوية على المدارس والمرافق التعليمية تسبَّبت في تضرُّر نحو ألفي مدرسة استخدمت كمراكز لإيواء النازحين، ونحو عشرة آلاف مدرسة في جميع أنحاء اليمن تأثرت بشكل حاد؛ بسبب الدمار وانقطاع رواتب المعلمين.

كما أنّ نحو 51% من المعلمين توقفت رواتبهم منذ أكتوبر 2016، بالإضافة إلى تهجير العديد من المعلمين الذين اضطروا للبحث عن فرص أخرى لتغطية نفقاتهم واحتياجاتهم الأساسية، وفق البعثة الأوروبية.

شهادة بعثة الاتحاد الأوروبي تنضم إلى عديد التقارير الدولية والإقليمية والمحلية أيضًا التي كشفت عن هول المأساة في قطاع التعليم باليمن جرَّاء استهدافه من قِبل المليشيات الحوثية.

وفي حقبة المليشيات الحوثية، تحوَّلت المدارس إلى ثكنات لتخزين الأسلحة أو مواقع لتجنيد صغار السن أو سجون سرية للناشطين والمعارضين، كما أضحت فرق الإسعاف والمنشآت الطبية هدفاً للأعمال القمعية التي ينفذها الجهاز الأمني الداخلي المعروف باسم الأمن الوقائي.

وتضرر القطاع التعليمي بشكل كبير، إذ تم اسـتهداف القطـاع بضربات دمرت الكثير من المدارس، كما تم تحويل الكثير منها إلى ثكنات أو مخازن للأسـلحة، وسـجون للاعتقالات الواسعة التي تشـنها المليشيات، قبل أن تفـرض أخيراً إتاوات ومبالغ مالية كبيرة على الطلاب، ما تسبّب في إغـلاق الكثير منهـا لعدم مقدرتهم على الدفع.

ومع تحويل المدارس الكبيرة معسكرات لتجنيد الصغار وغسل أدمغتهم بأفكار ومعتقدات طائفية لتعويض النقص الكبير في المقاتلين بعد عزوف الكثير من القبائل عن إرسال أبنائها إلى الجبهات، إذ أدى حرمان الأطفـال مــن التعليــم في المناطــق غير المحــررة إلى الدفع بهم في الصراع بدلاً مـن التعليـم، وذهب البعض للبحث عن عمل لإعالة أسرهم بسبب وقف الرواتب وانتشار الفقر كنتيجة للحرب التي سببتها المليشيات.

ومؤخرًا، كشف تقريرٌ للمجلس النرويجي للاجئين أنَّ عددًا كبيرًا من الأطفال لم يتمكنوا من العودة إلى المدارس، في ظل الحصار والقصف الجوي، فيما لا يزال قرابة مليونَيْ طفل خارج المدارس وما يقارب 3,7 مليون طفل بحاجة ماسة للمساعدة ليتمكنوا من العودة لمدارسهم بسلام.