إرهاب حوثي وعبث حكومي.. سرطانان ينهشان عظامًا منهكة
على مدار سنوات الحرب الخمس، عانى أغلب السكان لا سيّما في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية من أزمة صحية شديدة البشاعة، تتحمّل مسؤوليتها المليشيات، وحكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني.
ففي تقرير جديد، كشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنَّ اليمن يفتقر إلى 70% من احتياجاته الدوائية.
وقالت اللجنة، في تغريدة عبر حسابها الرسمي على موقع "تويتر"، إنّ أقل من 50% من المرافق الصحية باليمن تقوم بعملها، فيما يتم توفير أقل من 30% فقط من الأدوية اللازمة.
وأضافت أنَّ 75% من سكان اليمن لا يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة.
والاثنين الماضي، أعلنت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، أنَّ نحو 19,7 مليون شخص في اليمن يفتقرون للخدمات الصحية الأساسية.
وأعلنت المنظمة عن إجراء الفريق الصحي التابع للمنظمة 24 ألفًا و500 شخص فحص طبي للرجال والنساء والأطفال.
وبين حينٍ وآخر، تصدر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها العديد من التقارير بشأن المأساة الإنسانية والأزمة الصحية، الناجمة عن الحرب الحوثية، والتي ضاعفتها حكومة الشرعية هي الأخرى، بعدما تسبّبت في تأخير الحسم العسكري ضد المليشيات وحرّفت بوصلة الحرب بشكل كامل.
وأصبح نحو مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، منهم حوالي 360 ألفًا دون سن الخامسة، يعانون من سوء التغذية الحاد جدًّا، وهم يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة، بحسب تقرير صادرٍ عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".
الوضع المروّع يشير كذلك إلى أنّ الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد هم أكثر عرضة للوفاة بـ11 ضعفًا بالمقارنة مع أقرانهم الذين يحظون بتغذية جيّدة، كما أنّ تقديرات المنظمات الأممية تكشف أنَّ حوالي 2,5 مليون امرأة حامل أو مرضع في اليمن بحاجة ماسة إلى خدمات التغذية والمشورة لعلاج سوء التغذية أو الوقاية منه، إذ تتعرض النساء الحوامل المصابات بسوء التغذية لخطر متزايد من الإجهاض والكرب الذي تسببه، بالإضافة إلى فقر الدم والموت أثناء الولادة.
وحلّ اليمن في صدارة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر جوعًا، بحسب مؤشر الجوع العالمي للعام الحالي، الذي أعلنته منظمة "إغاثة جوعى العالم" الألمانية، والتي قالت بدورها إنّ عدد الجوعى يتصاعد بشكلٍ مقلق.
وتعتمد إحصائيات المؤشر وتصنيفاته، بشكلٍ أساسي على أربعة معايير لقياس مستوى الجوع، تتمثل في حساب عدد السكان الذين يعانون من نقص التغذية، كما يتم التقييم عبر إحصاء النسبة المئوية للأطفال الذين يعانون من الهزال والتقزم دون سن الخامسة، إلى جانب نسبة وفيات الأطفال الذين يموتون نتيجة الجوع قبل سن الخامسة.
كما كشف تقرير دولي حديث، صادر عن منظمة الصحة العالمية، أنّ 913 شخصًا توفوا على إثر الإصابة بوباء الكوليرا فيما أصيب نحو 700 ألف آخرين، وذلك في الفترة من يناير إلى سبتمبر الماضيين.
المنظمة قالت أيضًا إنّه تمّ الإبلاغ عن وجود الوباء في 305 مديريات من أصل 333 مديرية، وكشفت أنَّ الأطفال دون سن الخامسة يُشكّلون 25,5%، من إجمالي الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا، وأعلنت عن زيادة متوقعة خلال الأسابيع المقبلة في الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا، في بعض المناطق.
الأرقام التي وردت في التقرير يمكن القول إنّها لا تحمل أي مفاجأة، فعلى مدار سنوات خمس ارتكبت المليشيات الحوثية كافة صنوف الاعتداء على القطاع الصحي، مخلِّفةً وراءها مأساة غير مسبوقة، سواء عبر قصف وتعطيل المستشفيات وإغلاق الصيدليات وتفشي الأوبئة ونشر الفقر، وإهمال الوضع البيئي، وسرقة المساعدات الدوائية، وهي أسبابٌ كفيلة في مجملها لأنْ تؤدي إلى تفشي الأمراض.
الجانب الآخر في الاتهام تتحمّله حكومة الشرعية، هذا المعسكر الذي يُسيطر عليه حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، الذي تسبّب في إطالة أمد الحرب بعدما تقارب وتعاون مع الحوثيين سرًا وعلنًا، وطعن التحالف العربي بخنجر الخيانة من الظهر، بتحريفه بوصلة الحرب وتوجيهها إلى اتجاه آخر.
كما عملت حكومة الشرعية على ضمان نفوذ لها في المستقبل السياسي بدلًا من التركيز على التخفيف من معاناة السكان جرّاء الحرب، ولم تولِ القطاع الصحي أي اهتمام، بل ركّزت اهتمامها على معاداة الجنوب وشعبه وأرضه، وكذا معاداة التحالف العربي، تنفيذًا لأجندة قطرية تركية، ترمي إلى استهداف التحالف وتفكيكه، ودعم النفوذ الإخواني الحوثي على حد سواء.