قمع واعتقالات.. مخاوف حوثية من هبة غضب وعبد الملك يتحرك

الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 02:24:12
قمع واعتقالات.. مخاوف حوثية من "هبة غضب" وعبد الملك يتحرك

أحدثت المظاهرات المستمرة في لبنان والعراق، هلعًا هائلًا في صفوف المليشيات الحوثية من احتمالية اندلاع حركات احتجاجية مماثلة، لا سيّما أنّ القاسم المشترك فيما بينهم هو النفوذ الإيراني المترامي.

وتعبيرًا عن هذه المخاوف الهائلة، أصدرت زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي توجيهات منذ انطلاق الاحتجاجات في لبنان والعراق، باعتقال عدد من ضباط الاستخبارات (الأمن السياسي)، بالإضافة إلى ضباط وأفراد في الأمن المركزي، جرت ملاحقتهم إلى منازلهم.

وأفادت مصادر مطلعة بأنّ مليشيا الحوثي اعتقلت منذ يومين 26 ضابطًا من جهاز الأمن السياسي في صنعاء، وأودعتهم سجنًا خاصًا في نفس الجهاز، ووجهت لهم تهمًا عديدة من بينها الخيانة، كما قبضت على عدد من الجنود وضباط الأمن المركزي.

بالإضافة إلى ذلك، فهناك مئات من الضباط والجنود في سجون المليشيات غالبيتهم رفضوا حضور دورات تدريبية طائفية، كما اعترضوا على عمل العصابات الذي يسود على عمل المليشيات، حيث يتعرض المعتقلون لانتهاكات نفسية وجسدية.

ومنذ أيام، استنفرت القيادات الحوثية مليشياتها ونشرت عددًا من النقاط في شوارع صنعاء وعدد من المحافظات التي تسيطر عليها، فيما تقوم بتفتيش دقيق في كل الشوارع سواء للمارة أوالسيارات وكذلك الهواتف الشخصية.

وتجلّت المخاوف الحوثية كذلك حديث عبد الملك الحوثي الأخير، الذي قال خلاله إنّ ما يحدث في لبنان والعراق هدفه إحداث ثغرات في مشروعهم التخريبي، محذرًا من حالة الفوضى في التلقي الإعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

وتواصل المليشيات الحوثية إجراءاتها التي تستهدف التضييق على السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك لضمان فرض سيطرتها الغاشمة عليها، ووأد أي تحركات غاضبة قد تندلع ضدها، ضمن مخاوف تسود على المليشيات إثر الاحتجاجات الدائرة في لبنان والعراق من أن تنتقل إلى المناطق الخاضعة لها.

وكانت المليشيات قد أصدرت يوم الخميس الماضي، تعميمًا للمشايخ وعقال الحارات، تضمَّن منع السفر أو الغياب أو المغادرة للمشايخ وعقال الحارات إلا بإذن مسبق من قبل قطاع الأحياء الواقع تحت سيطرتها.

وتقول مصادر محلية إنّ هذه الخطوة الحوثية تُعبِّر عن مخاوف من المليشيات من اندلاع انتفاضة شعبية عارمة خلال الأيام المقبلة على غرار ما يحدث في لبنان والعراق، من احتجاجات يعتبر القاسم المشترك بينها هو "النفوذ الإيراني".

ومؤخرًا، وسَّعت المليشيات الحوثية من إجراءاتها الأمنية التي تستهدف إحكام قضبتها على المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك تخوفًا من اندلاع احتجاجات ضدها.

وكشفت مصادر "المشهد العربي"، في وقتٍ سابق، أنّ المليشيات - الموالية لطهران والمدعومة منها - أصدرت تعليمات مشددة بمراقبة الوضع وزيادة النشاط الاستخباري لمنع أي تظاهرات أو احتجاجات.

وأضافت أنَّ التعليمات تضمنت أيضًا مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والمزاج العام في الشارع، والإبلاغ عن أي تجمعات أو دعوات للتحريض، فضلًا عن تنظيم حملة مجتمعية تركِّز على التحذير من الفوضى والتظاهرات التي شبهوها بخرق السفينة وضرورة تجنُّب الخروج للشوارع وقطع الطرقات وتعطيل المصالح.

هذه الإجراءات التي تُعبِّر عن مخاوف حوثية حادة من اندلاع احتجاجات ضخمة، ليست الأولى من نوعها، فقبل أيام كثّفت المليشيات نقاط التفتيش في مختلف طرق صنعاء ومداخل أحيائها، مع إجراء توقيفات عشوائية خصوصًا في صفوف الطلاب ومصادرة الهواتف والإطلاع على محتوياتها والتدقيق في الأشخاص الذين تمّ الاتصال بهم من خلالها، وإجراء مداهمات ليلية لمنازل من يُشكّ في معارضتهم للحوثيين أو يتوقّع أن تصدر عنهم دعوات للاحتجاج والتظاهر.

اللافت أنّ هذه الإجراءات الحوثية لم تكن معلنة، لكنّ اتخذتها سرًا تخوفًا مما قد يحدث في الأيام الماضية، لا سيّما أنّ القاسم المشترك في احتجاجات لبنان والعراق هي أنّ نظامي الحكم في البلدين على صلة بإيران، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على المليشيات الحوثية، التي دعّمتها طهران بالكثير من الأموال والأسلحة على مدار سنوات الحرب.

وتتخوّف المليشيات الحوثية من اندلاع احتجاجات ضدها لا سيّما في ظل المعاناة الشديدة التي يعيشها السكان القاطنون في مناطق سيطرة الحوثيين، من انعدام للصحة والغذاء وتفشي الأوبئة ووقف صرف الرواتب، الأمر الذي زاد من حدة الفقر وأغرق ملايين السكان في أزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل.

وتسبّب الحوثيون في إغراق اليمن بأزمة إنسانية مأساوية، ينتابها الكثير من الأرقام الصادمة والمروّعة، حيث تؤكد منظمات دولية أنَّ 21 مليون شخص، من أصل 27 مليونًا، باتوا في حاجة إلى مساعدات إنسانية، فيما فقد أكثر من 100 ألف أرواحهم جراء الأوبئة والأمراض القاتلة التي تفشت جراء الحرب الحوثية.

وسبق أن اندلعت احتجاجات ضد سلطة الحوثيين في صنعاء، ففي أكتوبر من العام الماضي دعت فعاليات شبابية وطلابية إلى التظاهر والاعتصام في صنعاء ضد المليشيات، لكنّ "الأخيرة" استخدمت القوة المفرطة لوأد ما بدا آنذاك أنه بوادر "ثورة جياع" في المدينة.

وتعمل المليشيات على استخدام القوة المفرطة في تعاملها مع السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، من أجل ترهيبهم والسيطرة على الأوضاع مبكرًا، وذلك منعًا لأي احتجاجات قد تندلع ضد الانقلابيين.

وتستهدف المليشيات طلبة الجامعات على وجه خاص، باعتبارهم الفئة الأكثر تنظيمًا والتجمعات سهلة التكوين، ولذا فقد استحدث الحوثيون الكثير من الأسلحة للسيطرة على الأوضاع في الجامعات، وهذا القمع ليس فقط على الطلبة بل على الطالبات اللاتي استحدثت لهن المليشيات "كتائب الزينبيات"، وهي مجاميع نسائية قمعية تستهدف قمع النساء والطالبات على وجه خاص.