الكفاح في حضرة وطن ميّتٍ حيّ
استشهاد الجريح "صمام" أحد أفراد قوات الطوارئ التابعة للقائد صامد المنصوب ..
ذهبنا إلى المستشفى لنلقي آخر نظرة لشهيدنا ..
لَك أن تتخيّل أن وجوه العساكر كجبهة حرب، تتلوّى في دوائر ألم،
قائدهم يعدّ شهداؤه على أصابعه .. ولم يبكِ ، ولم ينهمر واقعاً أو تعبيراً، كان أشبه بالواقف على ساق واحدة ويُجابه الحزن بدرعٍ صدئ، ولا يسقط.. ولا تمهله الحياة ثانية لإعادة استقامته ومن يوم الحادثة إلى اليوم فقد 7 من حبيبات قلبه (جنوده) ..
كأنه يردد "أنا الجنديّ الذي لم يسمع أحد صراخه، لأنّ اصوات الأسلحة وارتطام الجثث كان أعلى.
أنا صوت أفرادي، عندما لم يسمعه الوطن،
قطرة الدم الأخيرة، التي لم يلحظها أحد، عند آخر انتحاري جعل من أفرادي اشلاء ..ليأتي اولئك الحمقى ويسرقون المجد ،اخبروهم أن لنا مجد السماء ؛ أما هم لعلهم بزيفهم فرحون ..
ظللت واقفة أمام الجثة .. الكلمات أعلنت انسحابها مني، ولم أعد افقهُ شيئاً بها.. أناضل بلا طاقة ، التراكمات والحديث ولا جدوى، حتى النهاية أصعب من وضع نقطة والإنتهاء، اعتذر لأبيه الذي بدل من أن نواسيه ..واسانا
عبثاً نُحـاول أن نَطيق، وكُل شيءٍ لا يُطـاق
موجع أن أرى ذاك الثائر المجنون المناضل الجبل وهو يبكي بمرارة ، حاولت أن أخبره أنه لا وقت للبكاء ..
نهض وذهب ليسند قائده رامياً حزنه تحت أقدامه ..
تبسمت وقلت هذا رفيقي الذي أعرفه خلدون العبدلي
من مستشفى البريهي إلى مسجد الفردوس إلى المقبرة
كان قائدهم معهم خطوة بخطوة
كان قائده يحمل جثثه كباقة ورد قدمها لوطن لأنه أحببه جدًا، لم يمانع بأن يعطيه شهيدا آخر، بالرغم من أنه في كل مرة كان يعلم بأن عشاق الانتصارات المزيفة سيفسدون الأمر.
لا أعلم لمَ كلّ هذا الكفاح لوطن ميّتٍ حيّ، ولكن ربّما يروق للوطن تشبّثه بكم، أنتم الذين تنسجون المجد بالدم بعيدا عن المزيفين والحسناوات !
رحم الله الشهيد صمام وكل شهداء البحث الجنائي وهذا الوطن..