ماذا نريد من صنعاء ( رأي شخصي )

كنت مشاركا في إحدى الندوات الدولية التي تعرضت للصراع الدائر في اليمن واحتلت قضية الجنوب فيها موقعا مركزيا وقد شارك في اعمال الندوة ممثلون لمعظم الاطراف (شرعيون وانقلابيون بطرفيهما حوثيون وعفاشيون) وجنوبيون مؤيدون للمجلس الانتقالي وآخرون مؤيدون للشرعية. 

في ختام الندوة طلب المنظمون منا أن نفصح عما نتمنى من الأطراف الأخرى؟.


وحيث أننا وزملائي وزميلاتي الجنوبيين كنا نتبنى وجهة نظر المجلس الانتقالي الجنوبي وبقية قوى الثورة الجنوبية وكان الآخرون يتبنون وجهات نظر الاطراف المتصارعة (الحوثي وعفاش والشرعية) فقد قلنا لهم ما ملخصه: إننا نتمنى أن نجد فيكم طرفا متماسكا ومدنيا يؤمن بالحوار فعلا ولا ينادي به مصحوبا بالبندقة والمدفع، طرفا نجد لديه لغة قابلة للآخر مستعدة للتفاوض على مشتركات جديدة غير مشحونة بلغة المقدس والمحرم.


قلنا لهم اننا نبتهل لكم بالوصول إلى حل لصراعكم الاخرق الذي لا يكرس سوى صراع مصالح الجماعات الأوليجاركية التي تستدرج البسطاء ليدافعوا لها عن مصالحها بشعارات لا علاقة لهؤلاء البسطا بها.
قلنا لهم اعطونا طرفا شماليا واحدا مستعدا للاستماع لمطالب الجنوبيين لنتفاوض كطرفين متكافئين على مستقبل الشراكة الفاشلة بيننا وبينكم لنخرج شعبينا من الورطة التي وقعنا فيها معا في العام ١٩٩٠.
* * *


يعتقد الكثيرون من الساسة الشماليين ان الجنوبيين سعداء بصراع الاطراف الشمالية فيما بينها سواء في إطار ثنائية الانقلاب – الشرعية او ثنائية الحوثي – عفاش، والحقيقة إنه مهما كانت نتائج هذه الصراعات فإن مصلحتنا كجنوبيين هي ان يكون لنا جيران مستقرون نستطيع ان نحسم معهم القضايا المشتركة، وما لا شك فيه أن قضايا كثيرة ما تزال تربطنا ببعضنا أهمها ورطة ١٩٩٠م التي يجب الخروج منها باتفاق بين الطرفين بأقل الخسائر ثم ما بعد فض هذه الشراكة من استحقاقات للطرفين وعلى الطرفين وهو ما لا يمكن حسمه إلى على طاولة المفاوضات بين الطرفين كندين جارين يحترمان بعضهما ويحترم كل منهما حقوق الآخر وواجباته تجاه الآخر.


ملخص الكلام: ما نريده من صنعاء طرفا سياسيا محترما يؤمن بأن مشروع ١٩٩٠م قد فشل وأن مشروع ١٩٩٤م قد انتهى ولا يمكن ان يستعاد وأن ما قبل ١٧/ يوليو / ٢٠١٥م ليس كما قبلها، وأن الشعبين اليمنيين في الشمال والجنوب يمكن ان يعيشا كجارين شقيقين في دولتين متجاورتين متعايشتين ومتعاونتين قابلتين للشراكة في اكثر من مجال وأكثر من ميدان
أما الإصرار على أن نتائج ٧/يوليو هي نهاية التاريخ فلا تعبر إلا عن معاندة حمقاء لحقائق التاريخ العنودة التي لا تقبل التعسف والمصادرة.