أبين المتهمة المظلومة!!!

تواصل معي الكثيرون من أبناء محافظة أبين ومعظمهم من مديرية رئيس الجمهورية والمديريات المحيطة بها من أقرباء وأصدقاء لبعض شهداء محرقة اللواء الرابع حماية رئاسية في مأرب، معلقين على منشوري السابق الموجه إلى فخامة الرئيس تحت عنوان "أنتم بحاجة إلى قادة يخجلون".
وإذ أشكر كل المتصلين والمعلقين فقد أحببت تسليط الضوء على بعض المظالم المرتكبة بحق محافظة أبين دونا عن الكثير من المحافظات المظلومة.
*. وسأبدأ بالمظلمة الأحدث، وهي تعريض ١١١ شهيد وأكثر منهم من الجرحى من ابناء أبين من لواء الحماية الرئاسية للمجزرة التي جرت في معسكر الاستقبال بمارب، فقد استدرج هؤلاء الشباب الانقياء تحت وهم التأهيل والتدريب وإعدادهم لمعركة قادمة، ولديهم قادة على استعداد أن يرسلوهم إلى أي معركة - مذبحة إلا مواجهة الحوثيين، وهذه الجريمة لا يمكن أن تمحوها بيانات العزاء ولا شطحات التهديد والوعيد ولا توزيع الاتهامات هنا وهناك، فالمتهم الأول هو من خدع هؤلاء الشباب وأنزلهم فوق موقدة لا تصيب غيرهم وقبلهم الجنود الإماراتيين، وقد أثارت هذه الحادثة عاصفة من الأسئلة منها: كيف تم تفريغ الجامع المستهدف بالقصف لأبناء ابين دون سواهم؟ ولماذا لم تصب صواريخ صاحب القصف أحداً سواهم؟ ولماذا لم يتخذ القادة الإجراءات الوقائية المتعارف عليها لحمايتهم من الموت الذي كان ينتظرهم؟
*. هناك أكذوبة كبيرة انطلت على الكثير من المواطنين والمثقفين والسياسيين في الشمال والجنوب على السواء، وهي أن أبين هي من يحكم اليمن، وقد نشر كاتب شمالي مرموق مقالة مطولة عن مظلومية الجنوب أصاب في حديثه فيها عن الظلم الذي تعرض ويتعرض له الجنوبيون لكنه أخطأ في القول بأن رئيس الجمهورية لم يشرك في الحكم سوى ابين وشبوة، وسأتجنب فرضية أن هذا جزءٌ من محاولة دق الأسافين بين الجنوبيين، لأشير أن الغالبية الساحقة من أبناء أبين ومثلها شبوة هم الأكثر فقراً وحرمانا من الخدمات ومن فرص العمل والحصول على التعليم العالي، ومن مشاريع التنمية، وهذا لا ينفي حرمان ومظلومية بقية المحافظات، فوجود َوزير او وزيرين أو حتى عشرة مدراء ووكلاء وبضعة موظفين من أبناء أبين او شبوة أو اية محافظة شمالية أو جنوبية لا يعني أن هذه المحافظة هي من يحكم، فالحكم في اليمن يتم عبر مراكز قوى ولوبيات ومجاميع ضغط وابتزاز لا تمتلك أبين شيئاً منها.
*. أعود إلى مذبحة لواء الحماية الرئاسية في مأرب لأدعو جميع أبناء الجنوب المخدوعين ممن يعتقدون أن معركتهم مع الجنوب للتحرر من هذا الوهم والالتفات إلى الحقائق التي تكشف عن نفسها دونما حاجة إلى جهد العباقرة وذهنيات الأفذاذ فمذبحة مأرب وحدها تلخص من يحكمون البلد حقاً، ومدى حرصهم على ابين كجزء من الجنوب، وارواح ودماء ابنائها ومستقبل اجيالها.
لقد بينت هذه المذبحة على بشاعتها ومرارتها وما اختزنته من قبح وما اختزلته من مؤشرات أن محاولة إعادة احتلال الجنوب بمغفلين جنوبيين كما جرى في عام ١٩٩٤م لم تعد ممكنة، فلا المحاولون متمكنون مثلما كانوا في ١٩٩٤م كما لا يوجد جنوبيون مغفلون يمكن أن يبيعوا الجنوب مقابل القاب وهمية ومسميات زائفة كما جرى آنئذ.
وختاما: لقد سعدت بزيارة بعض مناطق سنحان، بلدة الرئيس السابق وسررت بمستوى الخدمات فيها وباختفاء الفقر (تقريبا) من مناطقها، وبانخراط معظم أبنائها في القوات المسلحة وحصول المتعلمين منهم على المنح الجامعية والوظائف الحكومية، وبمستوى معيشة أغلب ابنائها، وتمنيت لو أن كل اليمن كانت هكذا، وللذين يتهمون أبين بأنها تحكم اليمن ان يعلموا أن مديرية رئيس الجمهورية بلا كهرباء وبلا مشروع مياه للشرب، وليس فيها مستشفى ومحرومة من أبسط متطلبات الحياة مثل كل محافظة ابين ومحافظات الجنوب، لكنها تتفوق بتساقط مئات الشهداء من أبنائها كل يوم دفاعاً عن "الوحدة اليمنية" المعمدة بدماء الجنوبيين.
تلك هي أبين المتهمة بحكم اليمن،. . . . المظلومة المحرومة إلا من الموت المجاني والفقر المدقع.