ثروات المليشيات.. كيف يغسل الحوثيون أموالهم؟

الخميس 6 فبراير 2020 15:17:40
ثروات المليشيات.. كيف يغسل الحوثيون "أموالهم"؟

على مدار سنوات الحرب العبثية القائمة منذ صيف 2014، استطاع المليشيات الحوثية جني الكثير من الأموال، كوّن من خلالها قادة هذا الفصيل الإرهابي ثروات مالية طائلة.

إحدى الطرق التي يجمع بها الحوثيون أموالًا ضخمة، تتمثّل في غسيل وتحويل الأموال العامة لصالح القادة الميدانيين من خلال إنشاء عقود إمداد مزورة، حسبما ورد في التقرير السنوي لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة.

وبينت وثائق، أوردها التقرير، أنّه في منتصف عام 2016، قام البنك المركزي في صنعاء بتحويل أكثر من 4.8 مليار ريال (22 مليون دولار أمريكي) إلى حساب في بنك خاص في صنعاء مملوك لشركة تدعى ليفانت فيجن وصاحبها يدعى صفوان أحمد لطف العماري لتوريد الدقيق إلى اللجنة الثورية.

ولا يُظهر التدفق النقدي لشركة "ليفانت فيجن" أي مدفوعات لشراء السلع، ولكن يُظهر التحويلات النقدية لثلاثة أفراد، لا يُعرف بأنهم تجار، بقيمة 1.5 مليار ريال لكل منهم.

ووجد فريق الخبراء أنّ شركة "ليفاننت فيجن"، وهي شركة تأسست في 20 سبتمبر 2012، ربما كانت متورطة منذ أواخر عام 2015 في غسل الأموال لصالح الحوثيين، وتشير الشهادة التجارية للشركة إلى النشاط التجاري لتوريد الأدوية والمواد الغذائية والمعدات الطبية وقطع الغيار للنقل والزراعة والمعدات الإلكترونية.

وجمع لدى فريق الخبراء أدلة تشير إلى أن الشركة قد استخدمت حساباتها المصرفية في بنك "اليمن والكويت" لتحويل الأموال من البنك المركزي اليمني بصنعاء والتي تم سحبها نقداً لثلاثة أفراد على الأرجح من قادة الحوثيين وهم: محمد عبد الله محمد حسن المؤيد، وعبد الله عباس عبد الله جحاف، وعلي قاسم محسن الأمير، مع أسماء عائلية تشير إلى انتمائهم الهاشمي مع الحوثيين.

وتشير الوثائق التي حصل عليها الفريق إلى أن شركة "ليفانت فيجن" وقعت عقداً في 1 مارس 2016، مع سليم الصايفي، وهو مندوب مالي لقطاع الأمن باللجنة الثورية في صنعاء، لتوريد القمح والأرز بسعر 1,9 مليار ريال.

وتشير جميع الدلائل إلى أن تخصيص أموال من البنك المركزي من قبل وزارة المالية لصالح اللجنة الثورية التي تعتبر جماعة مسلحة أمر غير قانوني تمامًا، وقد تم دون أي احترام لقواعد وإجراءات الميزانية العامة، ويشير التقرير أنّ لدى فريق الخبراء أسبابًا للاعتقاد بأن هاتين العمليتين كانتا مزيفتين دون وجود أي سلع، لكنهما استُخدما فقط كغطاء لتحويل أموال الدولة لصالح الحوثيين.

وبحسب التقرير، توضح هذه المعاملات كيف أساء مسؤولون من وزارة المالية وإدارة البنك المركزي بصنعاء استخدام سلطتهم وإشراك بنك اليمن والكويت في غسل الأموال مع المخاطرة بإلحاق الضرر بمصداقية البنك مع تأثير سلبي على المساهمين والعملاء.

منذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، عمل هذا الفصيل على تعزيز أرباحه وموارده على النحو الذي يُمكّنه من تعزيز ثرواته وبالتالي تمويل عملياتها الإرهابية.

فعلى مدار السنوات الماضية، نفّذت مليشيا الحوثي حزمة من الإجراءات لتعزيز مواردها، معتمدةً على لجان اقتصادية مهمتها، تقديم الأفكار والمقترحات والدراسات لخلق موارد مالية جديدة متاحة وقابلة للتنفيذ بشكل مباشرة.

وفي العام الماضي، وبينما يعاني ملايين السكان من أزمات إنسانية بشعة، استطاعت مليشيا الحوثي جني أكثر من تريليوني ريال، غالبيتها لم تقيد في سجلات وزارة المالية والحسابات القومية، وذهبت لحسابات خاصة.

مصادر مطلعة قالت إنّ المليشيات كلَّفت لجانًا اقتصادية لوضع دراسات ومقترحات لإيجاد موارد مالية، تحل محل إيرادات النفط والغاز، والمنح والقروض الخارجية، على أن تكون قابلة للتطبيق، وهو ما تم تنفيذه خلال السنوات الماضية.

وأضافت المصادر أنّ مكتب زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي، وبإشراف مهدي المشاط رئيس ما يُسمى المجلس السياسي، هو من شكل هذه اللجان في الوزارات والمؤسسات والهيئات والمصالح الإيرادية، من موظفين يعملون في الجهات ذاتها، وقدموا دراسات ومقترحات، اطلع ووافق عليها زعيم الميليشيا شخصيًّا وطُبقت بحذافيرها.

وتهدف هذه اللجان الاقتصادية إلى تمكين المليشيات الحوثية من أكبر موارد عمومية.

ومن بين الأفكار والمقترحات التي قدمتها اللجان الاقتصادية وتم تنفيذها، فتح الملفات الضريبية القديمة للسنوات الماضية للتجار، وتعديل قانوني الضرائب والزكاة، ورفع الضرائب على خدمات الاتصالات، وتحصيل الضريبة العقارية للسنوات الماضية، وفرض ضرائب على المنظمات.

واقترحت اللجان ربط الصناديق الإيرادية بالمجلس السياسي مباشرة، واستحداث نقاط جمارك برية في مداخل صنعاء، وجمركة السيارات التي تم جمركتها في مناطق الشرعية، ومصادرة أموال الشخصيات السياسية والاجتماعية التي غادرت صنعاء إلى الخارج.

ومن مقترحات اللجان الاقتصادية المنفذة، أخذ نسب على بيع وشراء الأراضي الخاصة، ونسب من أرباح القطاع المصرفي، وأخذ نسب من رسوم الحوالات الداخلية، وتعداد المناسبات لحشد تبرعات شهرية تحت مسميات عدة منها مسمى المجهود الحربي، وتجميد الإنفاق على الخدمات العامة بشكل كامل، وتسليمها لتجار مقابل نسب تعود للمليشيات، وتأجير واستثمار أصول وعقارات الدولة وممتلكات الأوقاف.