وضوح الانتقالي ينتصر على مراوغات الشرعية
رأي المشهد العربي
بالرغم من انتهاء الفترة الزمنية المحددة لتنفيذ بنود اتفاق الرياض من دون تقدم يذكر، فأنه بالنظر إلى مجمل الأوضاع فإن المجلس الانتقالي الجنوبي حقق جملة من الانتصارات الهامة منذُ الدخول في مفاوضات جدة، في حين أن الشرعية خسرت الكثير من أوراقها منذ أن دخلت المباحثات مرغمة ووقعت على الاتفاق وهي منقسمة على نفسها بين مؤيد ومعارض.
في حال نجحت جهود التحالف العربي في تطبيق بنود الاتفاق على الأرض خلال الأيام المقبلة، فإن ذلك سيكون انتصارًا مكملًا للمجلس الانتقالي الذي اتسم في جميع مواقفه بالوضوح ولم يراوغ أو يتراجع عن أي عهود التزم بها في السابق، وفي المقابل فإن مناورات الشرعية أوصلتها لدرجة انفراط عقدها وأضحت دون هيكل متماسك من الممكن أن يأخذ موقف جماعي.
ترتكن الشرعية على تلك الحيلة للتهرب من تنفيذ بنود الاتفاق فمن داخلها من يعلن التزامه باتفاق الرياض، وآخرون يرفضون الاعتراف به من الأساس، وطرف ثالث اختار الصمت انتظارًا لما ستسفر عنه الأحداث، ولعل ذلك الطرف يمثله الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي الذي توارى عن الأنظار طيلة الأشهر الماضية.
وفي المقابل فإن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يتوقف عن صراحته المعهودة حتى بعد فشل تنفيذ البنود في توقيتها، وخرجت تصريحات قياداته والبيانات الصادرة عن الاجتماعات التي نظمتها هيئات المجلس المختلفة لا تحتمل اللبس أو التأويل وإنما تبنت مواقف واضحة.
هذا الموقف ظهر واضحًا في البيان الصادر أمس الاثنين من الإدارة العامة للشئون الخارجية بالمجلس، والتي حمّلت مسؤولية إفشال الاتفاق ومحاولة التسلل إلى العاصمة عدن لـ"تعدد الأجندات السياسية لحكومة الشرعية ما أدى إلى عددٍ من الإخفاقات السياسية والعسكرية الرئيسية، مع استمرار محاولاتها المستمرة لتغطية هذه التناقضات والإخفاقات"
البيان استخدم عبارات قوية وصارمة ضد مناورات الشرعية لتضييق الخناق عليها، ووصف تصرفاتها بـ"المشبوهة"، وحذر من سعى الشرعية لإفشال الجهود العظيمة للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، في مواجهة مشروع مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وفي الوقت ذاته شدد على التزام المجلس بالشراكة الاستراتيجية مع المملكة كقائد للتحالف.
يمكن القول بأن صراحة الانتقالي الجنوبي انتصرت على مناورات الشرعية، لأنه بعد ثلاثة أشهر من توقيع الاتفاق يبدو الجنوب أكثر صلابة وتماسك بفعل العلاقات القوية مع التحالف العربي مما سمح لإجهاض العديد من مؤامرات خيانة مليشيات الإخوان، وفي المقابل فإن الشرعية أضحت أقرب إلى المعسكر التركي القطري وأصبحت في مأزق نتيجة عدم قدرتها على إرضاء السعودية من جانب والعمل لصالح تركيا وقطر على الجانب الآخر.
الموقف الواضح والصريح للمجلس الانتقالي دعم قوته على الأرض بعد أن تناولت وسائل الإعلام العالمية التصريحات الأخيرة الصادرة عن المجلس بشأن الشرعية، فيما تحًولت الشرعية لأول مرة من الهجوم المتتالي على المجلس إلى حالة الدفاع عن نفسها، ما يعني أن الرسالة الإعلامية التي أراد المجلس إيصالها أصابت هدفها.